تاريخ ومزارات

وقعة صفين: الخلاف الذي أشعل الفتنة الكبرى

وقعة صفين هي إحدى المعارك الشهيرة في التاريخ الإسلامي. التي وقعت بين جيش الخليفة الرابع علي بن أبي طالب وجيش والي الشام معاوية بن أبي سفيان، في سنة 37 هـ / 657 م، على أرض تسمى صفين. قرب الرقة السورية. وقد انتهت المعركة بالتحكيم بين الطرفين. بعد أن استمرت لأكثر من مائة يوم، وسقط فيها الآلاف من القتلى من الصحابة والتابعين. وتعتبر وقعة صفين من أهم الأحداث التي شكلت مسار الفتنة الكبرى. التي اندلعت بعد مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان على يد بعض الخوارج. في هذا المقال، سنتناول أسباب وقوع هذه المعركة، ومجرياتها، ونتائجها، وتأثيرها على التاريخ الإسلامي.

أسباب وقعة صفين

تعود أسباب وقعة صفين إلى الخلاف الذي نشأ بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، بعد مقتل عثمان بن عفان، الذي كان عم معاوية، ووالي الشام في عهده. فقد طالب معاوية بالقصاص من قتلة عثمان، ورفض مبايعة علي، الذي اختاره أهل المدينة خليفة بعد عثمان. واعتبر معاوية أن علي لم يحاكم القتلة، وأن بعضهم كان من أنصاره وجنوده. وقد حاول علي أن يحل الخلاف بالحوار والمصالحة، وأرسل إليه عدة رسائل ووفودا، لكن معاوية أصر على موقفه، وجمع جيشا كبيرا من أهل الشام، وأعلن الحرب على علي.

وقبل أن يواجه معاوية، كان علي قد تعرض لمعارضة من بعض الصحابة البارزين، مثل طلحة والزبير وعائشة، الذين خرجوا إلى البصرة، مطالبين بالقصاص من قتلة عثمان أيضا. وقد وقعت بينهم وبين جيش علي معركة عنيفة، اشتهرت باسم موقعة الجمل، في سنة 36 هـ / 656 م، وانتهت بانتصار علي، ومقتل طلحة والزبير، وعودة عائشة إلى المدينة. وبعد هذه المعركة، تمكن علي من السيطرة على البصرة والكوفة ومصر، وجعل الكوفة مقرا لخلافته.

وبعد أن استقر الأمر في البصرة والكوفة، توجه علي بجيشه نحو الشام. لمواجهة معاوية. وتوحيد الأمة الإسلامية تحت رايته. وكان جيش علي يتألف من حوالي 130 ألف مقاتل. بينما كان جيش معاوية يتألف من حوالي 135 ألف مقاتل. والتقى الجيشان على أرض صفين، التي تقع على الضفة الغربية لنهر الفرات، في شهر صفر من سنة 37 هـ.

 مجرياتها

بدأت وقعة صفين بمواجهات محدودة بين الجيشين. وتبادل الرماية والمناوشات، واستمرت هذه الحالة لمدة ثلاثة أشهر. دون أن تحسم النتيجة لأحد الطرفين. وفي هذه الفترة، حاول علي ومعاوية أن يتفاوضا على حل سلمي للخلاف، وأرسلا إلي بعضهما رسائل ووفودا، لكن دون جدوى. وكان علي يدعو معاوية إلى الطاعة والمبايعة، ويحذره من الفتنة والشقاق، ويذكره بحقوق الخلافة والمسلمين، وينصحه بالتقوى والعدل. وكان معاوية يرد عليه بالمطالبة بالقصاص من قتلة عثمان، ويتهمه بالتقصير في محاسبة الخوارج، وينكر شرعية خلافته، ويتحداه بالقتال.

وفي شهر رجب من نفس السنة، قرر علي أن يشن هجوما حاسما على جيش معاوية. وأمر جنوده بالتقدم نحو الفرات، والسيطرة عليه. وقطع المياه عن جيش الشام. ونجح جيش علي في تنفيذ هذه الخطة. واستولى على الفرات. ومنع جيش معاوية من الوصول إليه. وبدأ جيش معاوية يعاني من العطش والجفاف. وطلب معاوية من علي أن يرحمهم، ويسمح لهم بالشرب من النهر. وأن يتقي الله في المسلمين. ورد علي عليه بالقول: إن الفرات ليس ملكا لي ولا لك، وإنما هو ملك الله، فمن أراد منكم أن يشرب منه فليشرب، ولكن لا تحملوا منه شيئا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى