تاريخ ومزارات

“البيجامة الكستور”.. فكرة السادات التي تجدد أحزان إسرائيل في ذكرى انتصارات العاشر من رمضان

تحل اليوم  الإثنين العاشر من رمضان ذكرى نصر أكتوبر العظيم، حيث سطرت القوات المسلحة المصرية ملحمة تاريخية استعادت خلالها أرض سيناء الغالية، بعد أن قدم جنودها الأبطال أرواحهم ودماءهم فداءً للوطن، في معركة جسدت العزيمة والإرادة المصرية، فعبروا قناة السويس، وحطموا خط بارليف الحصين، ليحققوا انتصارًا مجيدًا على العدو الإسرائيلي، ويعيدوا لمصر كرامتها وسيادتها على أرضها.

البيجامة الكستور

خلال حقبتي الستينيات والسبعينيات، اشتهرت مصر بصناعات النسيج التي ازدهرت بفضل إنتاج الأقطان، الكتان، والحرير، وكان لمدينة المحلة الكبرى دور محوري في هذه النهضة، حيث شهدت مصانعها تطورًا كبيرًا في مجال صناعة الملابس الجاهزة، ومن بين أشهر منتجاتها كانت “البيجامة الكستور”، التي أصبحت جزءًا من الهوية المصرية في ذلك الوقت.

البيجامة الكستور وتبادل الأسرى

لم يكن ظهور البيجامة الكستور مقتصرًا على الحياة اليومية أو الأفلام الأبيض والأسود فقط، بل دخلت التاريخ من أوسع أبوابه عندما أمر الرئيس الراحل محمد أنور السادات بأن يرتديها الأسرى الإسرائيليون خلال عملية تبادل الأسرى بعد حرب أكتوبر 1973.

جنود إسرائيليون بالبيجامة الكستور

عقب انتصار الجيش المصري في حرب أكتوبر، وقع في أيدي القوات المصرية 242 جنديًا إسرائيليًا، تم تسليمهم عبر الصليب الأحمر خلال الفترة من 15 إلى 22 نوفمبر 1973، وخلال تسليمهم، ارتدى الأسرى البيجامات الكستور، وعادوا بها إلى تل أبيب، في مشهد وثقته عدسات الإعلام، ليصبح واحدًا من اللحظات التي لا تنسى في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.

بكاء جولدا مائير بسبب مشهد الأسرى

كانت رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك، جولدا مائير، في استقبال الأسرى عند عودتهم إلى إسرائيل، وعندما رأتهم في البيجامات الكستور، ظهرت عليها علامات التأثر والانكسار، حيث تم تسجيل مشهدها وهي تبكي، تعبيرًا عن الإهانة التي لحقت بالجنود الإسرائيليين، ليس فقط بسبب أسرهم، ولكن بسبب عودتهم بهذه الهيئة.

البيجامة الكستور في الحياة اليومية

لم تكن البيجامة الكستور مجرد زي للأسرى، بل كانت جزءًا أساسيًا من الثقافة المصرية، حيث كان يرتديها الأطفال بعد الطهور في القرى والأرياف، لما توفره من راحة، كما كانت خيارًا رئيسيًا للرجال عند النوم بفضل خامتها الناعمة والمريحة.

وكانت البيجامة الكستور متوفرة في العديد من المحال التجارية المصرية الشهيرة، مثل صيدناوي، عمر أفندي، وشركة بيع المصنوعات، بالإضافة إلى مصانع غزل المحلة، ولم يقتصر الأمر على البيجامات فقط، بل كانت هناك جلابيب كستور تباع إلى جانبها.

في تلك الفترة، كانت الحكومة المصرية توفر البيجامة الكستور ضمن نظام التموين، حيث كانت تصرف للمواطنين مثل الزيت، السكر، الشاي، والمواد الغذائية الأخرى، مما يعكس أهميتها في الحياة المصرية آنذاك.

رغم مرور عقود على ازدهار صناعة البيجامة الكستور، فإنها لا تزال جزءًا من التراث المصري، حيث ارتبطت بفترة زاهية من التقدم الصناعي والازدهار الاقتصادي، بالإضافة إلى كونها شاهدًا على لحظة تاريخية فارقة في الصراع العربي الإسرائيلي، ما جعلها تحظى بمكانة متميزة في الذاكرة الوطنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى