مدينة دقة الأثرية: جوهرة الحضارة الرومانية في تونس
أسماء صبحي
تعد مدينة دقة الأثرية واحدة من أبرز المواقع التاريخية في تونس. حيث تحتضن آثارًا تعود إلى الحضارة الرومانية. وتقع المدينة في شمال البلاد تحديدًا في ولاية باجة، وتعد من أفضل المدن الرومانية المحفوظة في شمال إفريقيا. كنا أدرجت دقة ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي عام 1997 نظرًا لقيمتها التاريخية والمعمارية.
تاريخ مدينة دقة
يعود تاريخ دقة إلى ما قبل الحقبة الرومانية حيث كانت تعرف باسم “ثوغا” وكانت موطنًا لقبيلة البربر. ومع حلول القرن الثاني قبل الميلاد دخلت المدينة تحت السيطرة الرومانية بعد هزيمة الملك النوميدي يوغرطة. وفي العصر الروماني، شهدت ازدهارًا كبيرًا حيث شيدت المباني العامة، والمعابد، والمنازل الفخمة، والحمامات.
ويعتبر المسرح الروماني في دقة من أفضل المسارح الرومانية المحفوظة في شمال إفريقيا. كما كان يتسع لحوالي 3500 متفرج حيث كانت تُقام فيه العروض المسرحية والمناسبات الرسمية.
وشيد الكابيتول في القرن الثاني الميلادي تكريمًا للإله الروماني جوبيتر. ويتميز بتصميمه الضخم وأعمدته المزخرفة. كما بني قوس سبتيموس سيفيروس عام 205 ميلادية تكريمًا للإمبراطور الروماني سبتيموس سيفيروس. ويعد من أبرز المعالم الهندسية في المدينة.
وتحتوي دقة على عدة حمامات عمومية، أبرزها الحمامات الكبرى التي كانت تستخدم للراحة والاستجمام في العهد الروماني. كما تعتبر المقبرة الليبية البونية شاهدًا على تأثر المدينة بالحضارات المختلفة. حيث تحتوي على نقوش تجسد مزيجًا بين الفن البوني والروماني.
التحديات التي تواجه الموقع
على الرغم من أهميتها التاريخية، تواجه دقة تحديات عديدة، منها:
- التغيرات المناخية التي تؤثر على الهياكل الحجرية.
- نقص التمويل لترميم بعض المعالم.
- غياب الوعي السياحي مقارنة بمواقع أثرية أخرى في تونس مثل قرطاج أو الجم.
وتعمل السلطات التونسية بالتعاون مع منظمة اليونسكو على ترميم الموقع وتطويره لاستقطاب المزيد من السياح. كما تقام مهرجانات ثقافية في المسرح الأثري لإحياء التراث الروماني.
وتمثل دقة نموذجًا فريدًا للحضارة الرومانية في تونس، وهي موقع يستحق الزيارة لكل من يهتم بالتاريخ والآثار. وبفضل حفاظها على معالمها الأصلية، تعد المدينة نافذة تطل على ماضي تونس العريق وتكشف عن مزيج من التأثيرات البونية والرومانية.



