من وحي مسلسل ولاد الشمس.. ما هي أول دار أيتام في تاريخ المسلمين؟

أميرة جادو
تدور أحداث مسلسل “ولاد الشمس” عن الحياة داخل دور الأيتام وتأثير هذه المؤسسات على حياة الأطفال الذين ينشأون فيها، تدور الأحداث حول شخصيتي “ولعة” و”مفتاح”، اللذين كبرا داخل دار للأيتام ولم يغادراها حتى بعد بلوغهما السن القانوني للخروج، كما يتمتع كل منهما بشخصية مختلفة من حيث الطباع والتفكير، ومع مرور الوقت يجدان نفسيهما في صراع مع مالك الدار، الذي كان يستغل حاجتهما للعمل في السرقة لصالحه، مما يدفعهما إلى مواجهة تحديات قاسية تشكل مسار حياتهما.
أول دار للأيتام في التاريخ.. رعاية واهتمام
وفي هذا الإطار، أكدت بعض الروايات التاريخية أن أول دار للأيتام أنشئت بأمر من السلطان أبو يوسف يعقوب الموحدي عام 595 هـ (1199م)، حيث كان بها نحو ألف طفل يتيم. وقد حرص السلطان على توفير بيئة تعليمية متكاملة لهؤلاء الأطفال، فعين لهم معلمين في مختلف العلوم، كما أولى اهتمامًا بالغًا بالدعم النفسي والاجتماعي لهم، وكان السلطان يزور الدار سنويًا، حيث يوزع الهدايا والملابس الجديدة على الأطفال، بالإضافة إلى منح كل واحد منهم دينارًا مع وجبات غذائية متكاملة، حتى لا يشعروا بغياب ذويهم.
المنصور الموحدي.. معمار ونهضة علمية
خلال فترة حكم المنصور الموحدي التي استمرت خمسة عشر عامًا، شهدت الدولة ازدهارًا عمرانيًا وعلميًا ملحوظًا، فقد أنشأ العديد من المعالم التاريخية، مثل مدرسة الجوفية، ومدينة الرباط، ومسجد سلا الكبير، وجامع حسان، والجامع الأعظم في قصبة مراكش، كما شيد مئذنة المسجد الجامع في أشبيلية، والتي تعرف اليوم باسم “الجيرالدا”، حيث بناها على أنقاض مبانٍ رومانية قديمة، وزينها بأربع تفاحات مذهبة بعد انتصاره في معركة الأرك، علاوة على ذلك، كان اهتمامه بالعلماء واضحًا، حيث دعم الأبحاث في مجالات الطب والهندسة، ورفع من مكانة العلماء في المجتمع.
الأوقاف ودعم الأيتام في العصر الأيوبي
في العصر الأيوبي، كان لصلاح الدين الأيوبي دور بارز في رعاية الأيتام من خلال الأوقاف. ووفقًا لما ذكره ابن شداد في كتابه “النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية”، كان صلاح الدين أول من خصص أوقافًا لدعم الأطفال الفقراء والأيتام، حيث أوقف قرية “نستروا”، كما أوقف قطعة أرض لصبي صغير أظهر نبوغًا وتميزًا، إيمانًا منه بأهمية دعم الموهوبين والمحتاجين.
الظاهر بيبرس ومبادراته لرعاية الأيتام
أما في العصر المملوكي، فقد سجل المؤرخ المقريزي في كتابه “المواعظ والاعتبار” أن السلطان الظاهر بيبرس أنشأ مكتب سبيل بجوار مدرسته، وخصص للأيتام وجبات يومية من الخبز، فضلًا عن توفير الكسوة لهم في فصلي الشتاء والصيف، مما يعكس اهتمامه بتوفير حياة كريمة للأطفال المحرومين.