مظاهر احتفال العالم الإسلامي برأس السنة الهجرية
أميرة جادو
اهتم الحكام وعامة الشعب بالمناسبات الدينية، منذ العصر العباسي، حيث لم تعد تقتصر على العبادات بل تحولت إلى مظاهر احتفالية متعددة، حيث كانت تقام الولائم وتبسط الأسمطة وتوزع الهدايا والعطايا على كبار القادة ورجال الدولة.
وكان يشارك في تلك المآدب عامة الشعب، وحظيت هذه المظاهر باهتمام خاص في العصر الإسلامي وفي بلاد المغرب العربي، ومع انتهاء عصور القوة والازدهار والثراء خف بريق هذه الاحتفالات لأسباب عديدة منها سياسية وعسكرية واقتصادية وكان الاحتفال برأس السنة الهجرية من الاحتفالات شديدة الأهمية في العالم الإسلامي.
وتختلف عادات وتقاليد الشعوب على مر التاريخ في الاحتفال بـ رأس السنة الهجرية وخصوصا الشعوب العربية، حيث تتميز بتقديم الولائم والعزائم الدسمة في تلك المواسم وتقديم التهاني والزيارات العائلية، فهي من الأمور المعتاد عليها.
حلب
لم يقتصر الاحتفال برأس السنة الهجرية على إقامة معالم الزينة، حيث نشاهد حبال المصابيح المنتشرة على أبواب الحوانيت والمتاجر والأسواق وتضاء المآذن وتؤدي الصلوات وتقرأ سيرة الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم إلى جانب الأدعية، كما جرت عادة أهالي حلب بتناول الحلوى لتكون سنتهم سنة خير وبركة حيث يتناولون صباحًا الشعيبيات والمأمونية والجبنة وتطور الإفطار مع الأيام لتناول الفول وأطعمة أخرى.
كما تحضر النساء الحبوب والسمبوسك لتوزيعه على الجيران والأهل والفقراء طلبا للثواب ولطلب الرحمة على الأموات إلى جانب الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم.
المغرب
يحتفلون برأس السنة الهجرية بطبخ “العصيدة الحارة بالبيض”، فلا يمكن أن يمر رأس السنة الهجرية بدون التنازل عن تلك الوجبة الدسمة، علاوة على ذبح الخراف، وفى القرى يتفاءلون بتناول الملوخية مستبشرين بلونها الأخضر الذي يوحى بالسلام والأمان.
بالإضافة إلى طبق “الكسكسي” هو الطبق الرئيسي الذي يمثل لهم تاريخ الدولة الفاطمية التي حكمت دول المغرب العربي، وهو طبق أمازيغي.
تونس
تتجلى مظاهر الاحتفال أكثر في القرى التونسية وفي الأرياف إذ خفّ في أيامنا هذه، وهجرها في المدن، احتفال التونسيين بهذا اليوم يعكس واقعه وتطلعاته لغد أفضل، فالقروي التونسي الذي يعمل في مجال الزراعة وتربية الماشية يتطلع إلى تحسن ظروف معيشته من خلال تحسّن إنتاجه فيأمل بسنة فلاحية خصبة ويصلي في هذه المناسبة من أجل تحسن المناخ ونزول الغيث.
وبهذه المناسبة، يجتمع أهل القرية لذبح الخرفان تبركًا بالسنة الجديدة، ويتناولون الكسكس بالقديد، أو العصيدة الحارة بالبيض، كما يعد طبق الملوخية تبرّكا بسنة خصبة خضراء، ويجتمع الأطفال حول نار الموقدة لشواء البيض التي جرى جمعه مسبقا خلال جولاتهم بين سكان القرية، وإن سماع صوت فرقعة البيض على النار يعني لهم صوت الرعد والأمطار المنتظرة خلال العام الجديد.
مكة
يعمد أهل مكة إلى تلاوة الصلوات وتبادل التبركات، في بداية كل سنة هجرية، ويأخذ العيد طابعًا تطغى عليه الفرحة، وتمارس فيه جملة من العادات والتقاليد المترسخة في الذاكرة والمتوارثة على مرّ السنوات.
من عاداتهم المشهورة تناول طبق الملوخية من باب التفاؤل بحلول سنة جديدة عساها تحمل الاخضرار إلى بلدهم والخير إلى أهلها.. كما جرت العادة أن يتناولوا الحليب “أبو الهيل” الذي يجلب أيضا التفاؤل والخير لهم عند إطلالة العام الجديد ببياضه الذي يرمز إلى الطهارة والبركة.
مصر
يحتفل الشعب المصري برأس السنة الهجرية بتناول ” الفتة ” بالبط وخبز الفطير، فرحا بالعام الجديد فهي من العادات القديمة المتوارثة، لتكون الوجبة الرئيسية في هذا اليوم.
الجزائر
وتنتظر الأسر الجزائرية حلول رأس السنة الهجرية، والأسبوع الذي يليها ويسبق يومي التاسع والعاشر من محرم لاستغلاله في تحضير بعض الأكلات التقليدية، كالمسمن والبغرير والكسكسي والشخشوخة وغيرها وإعطاء الفرصة للفتيات الصغيرات لعجن هذه المأكولات، وذلك لاعتقاد الأمهات والجدات أن العمل في هذه المدة يقوي الفتيات ويزيد من شطارتهن، كما يساعدهن على تحمل الصعوبات التي قد تواجههن في المستقبل.