تاريخ ومزارات

جوهر الصقلي الفاتح الذي غير وجه مصر وبنى عاصمتها الخالدة

أبو الحسن جوهر بن عبد الله الصقلي قائد عسكري فذ في الدولة الفاطمية عرف بلقب الكاتب أو الرومي أو الصقلي ولد حوالي عام 928م في جزيرة صقلية التي كانت آنذاك تحت الحكم الفاطمي حيث نشأ في بيئة إسلامية صقلت شخصيته العسكرية والسياسية يشير لقبه الرومي إلى أصوله التي ربما تعود إلى أسرى جلبوا من بلاد الروم بينما يؤكد لقبه الصقلي على ارتباطه الوثيق بجزيرته الأم.

بداية رحلته العسكرية تحت راية الفاطميين

نشأ جوهر وسط صراعات عسكرية بين المسلمين والقوى المسيحية في صقلية التحق بخدمة الخليفة الفاطمي المعز لدين الله في إفريقية وأصبح من أقرب رجاله بفضل كفاءته الإدارية والعسكرية وعندما قرر المعز بسط نفوذه على مصر بعد وفاة كافور الإخشيدي عام 968م كان جوهر القائد الذي حمل هذه المهمة الصعبة.

كانت مصر تعاني من اضطرابات سياسية واقتصادية بعد وفاة كافور إذ تولى الحكم صبي صغير لم يتمكن من السيطرة على الأوضاع تفاقمت الأزمات وانتشر الفساد فطلب وجهاء مصر تدخل الفاطميين عندها أمر المعز قائده جوهر بالتجهيز لغزو مصر وإحكام السيطرة عليها.

فتح مصر وتأسيس القاهرة العاصمة الجديدة

خرج جوهر من إفريقية في 4 فبراير 969م على رأس جيش ضخم تجاوز 100 ألف مقاتل مدعومًا بأسطول بحري قوي تقدم عبر برقة حتى دخل الإسكندرية دون مقاومة ثم واصل مسيره بحنكة سياسية حيث منع جنوده من التعدي على الأهالي مما أكسبه ود المصريين الذين كانوا يعانون من الأزمات الاقتصادية وانعدام الأمن.

في 18 يونيو 969م التقى جوهر بوفد من وجهاء الفسطاط قرب قرية أتروحة حيث طلبوا الأمان فأصدر لهم عهدًا شهيرًا تضمن حرية العقيدة ونشر العدل وإصلاح أحوال البلاد كان هذا العهد الأساس الذي ساعده على توطيد حكم الفاطميين في مصر.

بعد دخوله مصر شرع جوهر في تنفيذ رؤية المعز ببناء عاصمة جديدة شمال شرق الفسطاط فأرسى حجر الأساس لمدينة المنصورية التي عرفت لاحقًا باسم القاهرة على مساحة 340 فدانًا وأحاطها بسور ضخم من الطوب اللبن خصص 70 فدانًا للقصر الكبير و35 للبستان ومثلها للميادين بينما توزعت باقي المساحة على القبائل والفرق العسكرية مثل زويلة وفي 4 أبريل 970م بدأ بناء الجامع الأزهر الذي أصبح منارة للعلم والدين عبر العصور.

سنوات الحكم

حكم جوهر مصر نيابة عن المعز لمدة أربع سنوات من 969 إلى 972م حتى وصل الخليفة إلى القاهرة عام 972م ومع قدوم المعز تقلص نفوذ جوهر تدريجيًا إذ استأثر الخليفة بالسلطة بينما اكتفى جوهر بلعب دور المستشار ومع ذلك ظل حاضرًا في المشهد السياسي فعندما واجه المعز تهديد القرامطة عام 974م عاد جوهر لقيادة الجيوش الفاطمية ببراعة ليؤكد ولاءه للمعز وابنه العزيز بالله من بعده.

نهاية الرحلة

أصيب جوهر الصقلي بمرض السل الذي أنهكه حتى وافته المنية في 28 يناير 992م دفن في القاهرة تاركًا وراءه إرثًا عظيمًا يتمثل في تأسيس القاهرة والجامع الأزهر وترسيخ حكم الفاطميين في المشرق كان جوهر مثالًا للقائد الفذ الذي جمع بين الحنكة العسكرية والحكمة السياسية وظل اسمه محفورًا في تاريخ مصر كأحد أعظم من ساهموا في تشكيل ملامحها.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى