حوارات و تقارير

سليمان بدوي أسطورة الكتيبة 223 صاعقة: قضينا على حلم «شارون» في دخول الإسماعيلية |حوار|

محمود حسن الشوربجي

تمر الذكرى الـ 48على انتصارات أكتوبر المجيدة، حيث نتذكر بطولات القوات المسلحة، مصنع الرجال، درع الأمة الواقي، سيف مصر القاطع ورغم تلك السنين الطويلة على الحدث الأعظم في تاريخ مصر الحديث ماتزال أسرار البطولات والمعارك حبيسة صدور أصحابها ومن عاشها.

حظيت «صوت القبائل العربية» بحوار مع أحد مقاتلي الكتيبة 223 صاعقة، وهو سليمان محمود أحمد بدوي، من مواليد 11 ديسمبر 1947م، والبالغ من العمر 73 سنة، من عائلة أولاد سليمان بمدينة العريش محافظة شمال سيناء ليسرد لنا بعض من ذكريات المعارك.. وإلى نص الحوار..

 

 

*كيف التحقت بالقوات المسلحة؟

كنت قد أتممت دراستي في القاهرة وبعدها قمت بتقديم طلب التجنيد للإلتحاق بالقوات المسلحة، وتم عمل كشف سابق ومركز تدريب قبل التوزيع على الوحدات، وكنا في قيادة حلمية الزيتون وأتى مندوب الصاعقة لاختيار المقاتلين، واشترط علينا أداء بعض التمارين الرياضية فقمنا بتأديتها فتم اختياري أنا وزملاء لي ضمن كتيبة الصاعقة، والتحقت بكتيبة 223 صاعقة (القوات الخاصة)، وتم تدريبنا على مهمات قتالية خاصة، وكنت رقيب أول سرية وقائد فصيلة قذائف الهاون.

 

*ما هي الإجراءات التي تم تنفيذها قبل يوم 6 أكتوبر؟

للقوات الخاصة طبيعة منفردة تختلف عن غيرها، قبل ما تبدأ الحرب بساعات خرجت كتيبتين من المجموعة الخاصة التي كنا نتبع لها وهي مكونة من 4 كتائب قتالية، وخرجت كتيبتين محمولتين بالطائرات الهليكوبتر جواً إلى أرض سيناء لتعطيل العدو والاشتباك معه خلف خطوط العدو وأنجزوا المهام الموكلة لهم، وذلك لإعطاء فرصة لإنشاء الكباري والعبور، أما الكتيبتين الباقين بقوا كما هم حتى بدأت علامات الثغرة.

 

* ما هي المهام التي أسندت بعد يوم 6 أكتوبر لكتيبتكم؟

بعد أسبوع بدأنا التحرك على الجبهة حينما بدأت تظهر الثغرة، فتم تكليفنا بمحاصرة الثغرة عند أبو سلطان حتى أبو عطوة والفيشة وكل هذه المناطق يمكن الدخول منها لثغرة الدفرسوار، وبعد حصار العدو الإسرائيلي في هذه المناطق، كان يتم الاشتباك معهم بشكل يومي، ونستعيد منهم أراضي محتلة، وكذلك أسلحة وأسر عدد كبير منهم، وقد أطلقوا على هذه المنطقة «وادي الموت» لأنه تم قتل وأسر عدد كبير منهم.

 

* ما هي أهم انتصارات كتيبة 223 صاعقة؟

بعد فترة وتحديدا في يوم 21 أكتوبر، قمنا بعمل كمين كبير على الجبهة، وكان هذا الكمين مخصص لصد هجوم «شارون» لأنه كان ينوي الدخول إلى الإسماعيلية ليحقق انتصارا وهميا أمام قواته، وفي هذه اللحظة كنا في اشتباك مستمر مع قوات الكوماندوز الإسرائيلية وحاصرناهم وتم أسر عدد منهم.

 

وكان لي زميل أثناء الاشتباكات قد لاحظ أنه يوجد رشاش معلق على شجرة قريبة من نقطة التمركز ويتم الضرب به علينا، وفي ذلك الوقت نفدت ذخيرة زميلي واستشهد في الحال أثناء إعطائه خزنة سلاح وكان واحد من الأبطال المرابطين، وعند تحركي بالسيارة على هذا الكمين جاء أحد أفراد الفصيلة الخاصة بنا وقال لي أنه فقد خوزته، فأعطيته خوزتي، وقال لي أنت محتاج لها، فقلت له أنا متوكل على الله في كل شيء، وكنت أقاتل برأسي العارية، وقد أطلق علينا العدو عدة طلقات نارية أصابته هو واستشهد في الحال وأنا أصبت في الوجه والرأس إصابات غير نافذة والحمد لله، عندها أصابني عدم اتزان وقد سقطت في الحفرة، وبعد مرور من الوقت أفقت وبدأت أتحسس المكان من حولي، وجدت نفسي أنني سليم والحمد لله، وكنت أتمنى الشهادة في هذا اليوم.

 

*بعد تنفيذ المهام هل تم انتقالكم إلى مكان آخر وما هي الإنجازات التي تمت؟

بعدها أخذنا تعليمات بالانتقال إلى الطريق الدائري عند منطقة تدعى «أبو عطوة»، وعند دخول هذه المنطقة كانت هناك منطقة ميتة لا يمكن الدخول إليها بسهولة وعند الاقتراب منها يتم الضرب علينا بالصواريخ، وكل متر في هذه المنطقة أعتقد أنه تم إلقاء فيه دانة، فذهبت إلى المنطقة التي كان بها زميلي الذي أعطيته الخوزة الخاصة بي وجدت أن هذه المنطقة ملئية بالقذائف والدانات وكانوا قد استشهدوا جميعا.

 

وفي هذا اليوم تحصنا في «حُفرات» قمنا بحفرها مسبقاً وذلك لصد هجوم شارون على المنطقة، وكانت هذه المنطقة بطبيعتها منحدرة وتأتي بشكل انحرافي مما يصعب تصويب الدانات عليها مباشرة من العدو الإسرائيلي، إلى أن ظهرت 3 دبابات إسرائيلية قادمة من الشرق وتعاملنا معهم بقذائف (الآر بي جي 7 ) في الحال وتم القضاء عليهم والاستيلاء على أسلحتهم و ذخيرتهم، ومازالت تلك الدبابات موجودة حتى الآن في قرية أبو عطوة، ونحن الكتيبة التي ضربت هذه الدبابات والله تعالى هو الذي نجانا في هذا اليوم، كما بقيت الدبابات تتفجر إلى الفجر وذلك بفعل احتوائها على ذخيرة كثيرة، وبالتالي قضينا على حلم «شارون» أنه يدخل الاسماعيلية، وكسرنا حلمه بالانتصار.

 

وكنا قد تحصنا في هذا المكان وقد علمنا أن شارون قال «لو كنت أعلم أنها كتيبة صاعقة لكنت دخلت عليهم بالدبابات ودهست عليهم»، وكان قد ظن أننا قوات كثيرة جدا، ولكن وقتها كنا قوات قليلة جدا، وأخذنا تعليمات من القيادة الخاصة بنا والتي كان يقودها العقيد أسامة إبراهيم، بناء على تعليمات من الرئيس أنور السادات الذي كان يتابع الحدث لحظة بلحظة من غرفة العمليات بالقاهرة، حيث أصدر تعليماته بتثبيت المقاتلين والاطمئنان على كل أفراد الفصيل.

 

*كيف قضيتكم على نقطة العدو داخل منطقة الفيشة؟

جاء لي قائد الكتيبة وقال لي يا سليمان تعال عايزين نعمل تسلل على نقطة العدو هذه، لا بد أن نعمل عليها قبل أن نبدأ في الاجتياح الكامل لخطة الثغرة” وهو كان يقصد نقطة العدو الاسرائيلي داخل منطقة الفيشة، فذهبت معه وأخذت ثلاث قذائف هاون معي، وحددت اتجاهات القذائف بدقة على هذه النقطة الخاصة بالعدو، وتكبدوا خسائر فادحة في الأرواح والآليات العسكرية، وبالطبع هم قاموا بالرد علينا بعدها بالقذائف الصاروخية ولكنها وقعت بعيد عنا.

 

وفي يوم من الأيام رأيت العدو الإسرائيلي يطلق القذائف الصاروخية بكثافة على قوات المشاة المصرية بالقرب منا، وكنت وقتها في المسجد للصلاة، وخرجت وقتها من الصلاة وقمت بتحديد الاتجاهات بدقة نحو نقطة العدو وكنت اصطحبت معي ثلاث قذائف هاون وصندوق ذخيرة، وأطلقتها على هذه النقطة بكثافة شديدة إلى أن تم محو هذه النقطة، وهذا العمل مسجل لي في سجل الكتيبة وكنت قد حققت أعمال كثيرة مشابهة، وأيضا مسجلة ضمن البانوراما في القيادة العامة للقوات المسلحة بالقاهرة.

 

*هل تحتفلون بهذا اليوم كل عام؟ وما هي أمنياتكم؟

في هذا اليوم من كل عام نتذكر هذا النصر ونتذكر أصدقائنا الذين استشهدوا وهم مرابطين على الجبهة، وأتذكر عناية الله تعالى التي أنقذتني بدون خوزة وذلك الذي أعطيته خوزتي قد استشهد، أشياء عجيبة قد حدثت دلالة على إرادة الله، كما أنني أتمنى من الله تعالى أن يزول وباء كورونا كوفيد-19 عن الأمة وأن يشفي الله تعالى كافة المرضى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى