وطنيات

بطولات أبناء سيناء خلال حرب أكتوبر.. من زرع الألغام إلى هزيمة المخابرات الإسرائيلية

أميرة جادو

منذ وقوع سيناء تحت الاحتلال الإسرائيلي عام 1967، مروراً بمرحلة حرب الاستنزاف وحتى انتصار أكتوبر العظيم عام 1973، قدم أبناء سيناء بطولات وخدمات تدخل في نطاق المعجزات الخارقة.

ومع حلول الذكرى الـ 52 لانتصار السادس من أكتوبر المجيد نستعرض بعض هذه البطولات كانت بجهود ذاتية خالصة من الأهالي، وأخرى جاءت بالتعاون مع ضباط المخابرات الحربية، حيث دفع الكثيرون حياتهم ثمناً لهذه التضحيات، فمنهم من استشهد ومنهم من سجن في المعتقلات الإسرائيلية.

ولم تقتصر البطولات على قبيلة أو فئة بعينها، بل شارك فيها الجميع؛ رجالاً ونساءً، شباباً وأطفالاً، وشيوخاً، وبرغم العزلة التي فرضت عليهم قبل الحرب وأثناءها وحتى بعدها، ظلوا يقدمون الدعم الكامل للقوات المسلحة. وبعد النصر، كان نصيبهم التهميش والعزلة، حيث فتحت سيناء أمام السياحة الإسرائيلية، بينما ظل أهلها بعيدين عن أشقائهم في الوادي، وتعرضوا لمعاملة قاسية زادت الفجوة بينهم وبين الوطن.

المبادرات التلقائية

من أبرز صور البطولة، مبادرات أهالي سيناء التلقائية لمساعدة الجنود المصريين العائدين بعد نكسة يونيو 1967. فبرغم الحرمان والعزلة، كانوا يخفون الجنود ويوصلونهم إلى القناة بعيداً عن أعين الاحتلال.

كما أخفى أهالي العريش مبلغ 300 ألف جنيه من بنك الإسكندرية قبل وصول القوات الإسرائيلية، واستخدم المبلغ في صمود الأهالي بعد انقطاع موارد رزقهم.

وإلى ذلك، قاموا بإخفاء السجلات المدنية والأختام، ومن خلالها صنعوا بطاقات مزورة للجنود المصريين لحمايتهم من بطش الاحتلال.

فنار أبوالدرج

والجدير بالإشارة أن بعد الاحتلال، تم عزل العديد من أهالي سيناء على البر الغربي للقناة، وانقطعوا عن العودة إلى ديارهم، عندها اقترح الشيخ سلامة صباح تجهيز لنش سري لنقلهم عبر البحر من فنار أبوالدرج إلى سيناء، حيث استمرت هذه العمليات عدة أشهر حتى اكتشفتها إسرائيل واعتقلت القائمين عليها، ثم ساومت المخابرات الإسرائيلية الأهالي على تشغيل اللنش تحت سيطرتها.

إلاأن المخابرات المصرية تعاملت مع الموقف بدهاء، فكان ذلك أول اتصال مباشر بينها وبين نظيرتها الإسرائيلية.

مؤتمر الحسنة

في 26 أكتوبر 1968، نظمت إسرائيل مؤتمراً بمنطقة الحسنة لإقناع العالم بموافقة أهالي سيناء على تدويلها، لكن المخابرات المصرية أحبطت المخطط عبر الشيخ سالم الهرش، شيخ قبيلة الهرش، الذي وقف أمام وسائل الإعلام العالمية معلناً أن سيناء أرض مصرية ورئيسه هو جمال عبد الناصر. ففشل المؤتمر واعتقل الاحتلال الشيخ سالم، لكنه ظل رمزاً للمقاومة ورفض التبعية.

مشاركة الإبل

كما كان الجمل وسيلة رئيسية لنقل الغذاء لأهالي سيناء تحت الاحتلال، ثم أصبح أداة لنقل السلاح والمفرقعات للفدائيين.

ومع تشديد الرقابة الإسرائيلية، ابتكر أبناء سيناء فكرة عبور الإبل سباحة عبر القناة بجانب الزوارق المطاطية، وهي فكرة رائدة طرحها الشيخ سمحان موسى مطير.

والجدير بالإشارة أن هذه الفكرة أثبتت أن الجمل قادر على السباحة، فساهم في إدخال الأسلحة بطرق لم تخطر على بال الاحتلال.

نماذج من مجاهدي أبناء سيناء

محمد محمود اليماني

عمل ضابطاً في المخابرات، ونفذ مهام خطيرة خلف خطوط العدو، ثم تولى بعد التحرير مناصب مدنية بارزة، منها رئاسة المجلس المحلي بشمال سيناء.

النمر الأسمر

حسن علي خلف، الشاب الثانوي من الجورة، انضم لمنظمة سيناء العربية بعد أن شهد المجازر الإسرائيلية في قريته. نفذ عمليات نوعية أبرزها ضرب قيادة القوات الإسرائيلية في العريش.

فدائي قبيلة الترابين

عودة صباح الويمي كشف للمخابرات المصرية تدريبات إسرائيل على عبور مانع مائي، وهو ما كان إنذاراً مبكراً لعملية الدفرسوار.

مهندس الألغام

المجاهد موسى رويشد، الذي أبدع في زرع الألغام ضد مدرعات الاحتلال، وأرهق قواته حتى لقب بـ”مهندس الألغام”.

الشيخ سمحان

من أبرز مشايخ الجنوب، تعاون مع المخابرات المصرية، وقدم الدعم للجنود الشاردين.

شيخ قبيلة البياضين

الشيخ متعب هجرس، أول شيخ ينضم لمنظمة سيناء العربية، فتح بيته للجنود المصريين وساعدهم على العودة للبر الغربي، ودفن بعد استشهاده في سيناء المحررة.

المجاهدة فهيمة

أول سيدة بدوية تنضم لمنظمة سيناء العربية، حملت جهاز اللاسلكي ونقلت التموين خلف الخطوط، وكرمها الرئيس بنوط الشجاعة من الطبقة الأولى.

الشيخ أبوجرير

أمر أتباعه بجمع الأسلحة بعد نكسة 1967 وأعادها للجيش المصري، ودرب شباب سيناء على أعمال المخابرات، وكان محل تقدير من قادة الجيش المصري.

هدهد بئر العبد

شلاش خالد العرابي، أحد أبرز رجال منظمة سيناء العربية، حير المخابرات الإسرائيلية وأرغمت عملياته الاحتلال على ملاحقته حتى أسره عام 1968 بعد 64 عملية ناجحة.

ألغام تنكة وأبوزنيمة

المجاهد عودة موسى مطير زرع الألغام ضد قوات الاحتلال، واعتقل عدة مرات دون أن يفقد عزيمته، وحصل بعد التحرير على نوط الامتياز.

إنها نماذج مضيئة من بطولات أبناء سيناء الذين خاضوا حرب الاستنزاف وأكتوبر المجيد. لقد ساهمت قبائلهم كلها تقريباً في منظمة سيناء العربية، وقدمت أرواحها وممتلكاتها دفاعاً عن الأرض. نالوا نوط الامتياز وشهادات التقدير، لكن تبقى بطولاتهم محفورة في الذاكرة الوطنية، شاهدة على أن سيناء كانت ولا تزال أرض الفيروز التي لا تنكسر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى