من زنزانة قرميدان إلى قصر الرئاسة قصة أنور السادات وأمين عثمان وصلاح ذو الفقار
في زنزانة رقم 54 داخل قلعة قرميدان أحد أشهر السجون سيئة السمعة في القاهرة قضى أنور السادات فترة من حياته متهمًا في قضية اغتيال أمين عثمان وزير المالية في حكومة الوفد هذه التجربة التي رواها السادات لاحقًا في مذكراته البحث عن الذات لم تكن مجرد محنة عابرة بل شكلت نقطة تحول غيرت نظرته للحياة ورسمت ملامح مسيرته السياسية.
أمين عثمان ورمزية الصداقة المصرية البريطانية
كان أمين عثمان رمزًا لما سمي وقتها بالصداقة المصرية الإنجليزية ففي زمن كانت فيه مصر تسعى لنيل استقلالها أثار عثمان غضب الشباب الوطني بتصريحاته التي وصف فيها علاقة مصر ببريطانيا بأنها زواج كاثوليكي لا ينفصم هذا الموقف إضافة إلى قربه الشديد من الإنجليز وزواجه من البريطانية كاترين غريغوري جعله في نظر الثوار أداة للاستعمار علاقته الوثيقة بالسفير البريطاني مايلز لامبسون جعلت منه الوسيط الأساسي في معاهدة 1936 بين حزب الوفد وبريطانيا لكنه وصف وقتها بأنه يتحدث بلسان الإنجليز حتى لقب بابن لامبسون ونال أوسمة وألقابًا من البريطانيين أبرزها الباشوية عام 1937.
بداية النهاية وصعود السادات الثوري
بدأ نجم عثمان في الأفول مع تولي علي ماهر باشا رئاسة الوزراء عام 1939 حيث صدر قرار ملكي بإحالته إلى المعاش بسبب شكوك في ولائه للإنجليز وإهماله لواجباته وسط هذا المناخ المشحون انضم الشاب أنور السادات إلى جماعة سرية قررت التخلص من عثمان وفي الخامس من يناير 1946 سقط أمين عثمان مقتولًا في القاهرة لتبدأ حملة اعتقالات واسعة شملت السادات الذي أودع في سجن قرميدان.
صلاح ذو الفقار الحارس المتعاطف
خلال فترة السجن لعب الضابط الشاب صلاح ذو الفقار دورًا لافتًا فقد كان مسؤولًا عن حراسة السادات ورفاقه لكنه عامَلهم بإنسانية مقتنعًا بأن دافعهم كان حب الوطن كان يجلب لهم الطعام والجرائد والسجائر وساعد أسرة السادات في الحصول على تصاريح الزيارة بل وحاول تهريب السادات ثلاث مرات ونجح في الثالثة عبر مستشفى مبرة محمد علي الخيرية وهو ما كاد يكلفه محاكمة عسكرية لولا تدخل وزير الحربية حيدر باشا الذي أنقذه من العقوبة.
بعد الثورة استمرار الصلة
بعد ثورة يوليو 1952 نقل زكريا محيي الدين وزير الداخلية ذو الفقار من مصلحة السجون إلى كلية الشرطة ومع حصول السادات على البراءة وتوليه لاحقًا رئاسة منظمة الشعوب الأفريقية والآسيوية لم ينسَ صديقه القديم فاختاره مديرًا تنفيذيًا للمنظمة عام 1957 وبعدها ترك ذو الفقار العمل الشرطي برتبة صاغ ليتجه إلى عالم الفن بدعم من شقيقيه محمود وعز الدين ويصبح لاحقًا أحد أبرز نجوم السينما المصرية.
خيوط السياسة والثورة والفن
تداخلت خيوط القصة بين أنور السادات وصلاح ذو الفقار بداية من زنزانة السجن وحتى مواقع النفوذ والنجومية لتبقى شاهدًا على لحظة فارقة في تاريخ مصر حيث تلاقت السياسة والثورة والفن في قصة واحدة.



