وطنيات

إبراهيم الرفاعي.. أسطورة الرجال خلف خطوط العدو

في قرية هادئة تابعة لبلقاس بمحافظة الدقهلية، وُلد إبراهيم الرفاعي عام 1931 وسط موجات التغيير التي كانت تعصف بمصر في تلك المرحلة، كما حمل في قلبه حبًا لا حدود له للوطن، فالتحق بالكلية الحربية وتخرج فيها عام 1954، مستعدًا ليصنع مكانًا لنفسه في تاريخ الأمة.

من هو إبراهيم الرفاعي

كانت أولى مغامراته في معركة بورسعيد عام 1956، حيث وقف أهل المدينة بكل شجاعة في وجه العدوان الثلاثي هناك، وسط أزيز الرصاص وهدير المعركة، تبلورت ملامح شخصيته الفريدة، كما أدرك أن مكانه الحقيقي ليس بين جدران قاعات التدريس بمدرسة الصاعقة، بل خلف خطوط العدو، حيث ينبض قلبه بالتحدي والمغامرة.

بعد نكسة يونيو 1967، خاض إبراهيم معارك من نوع خاص، معارك الظل التي تحتاج إلى عقول مبتكرة وقلوب من فولاذ، ومع حلول عام 1968، اختارته القيادة ليقود مجموعة فدائيين تحت اسم فرع العمليات الخاصة التابع للمخابرات الحربية، المهمة كانت واضحة، وهي استعادة ثقة الجيش المصري بنفسه، وبث الرعب في قلوب العدو الإسرائيلي، كما اختار رجاله بعناية فائقة، وكان كل فرد فيهم يحمل شعلة الشجاعة بين عينيه.

بدأت هذه المجموعة، التي أصبحت لاحقًا تُعرف باسم المجموعة 39 قتال، بتنفيذ عمليات جريئة مثل نسف مخازن الذخيرة التي تركتها القوات المصرية في سيناء، ثم مهاجمة قطار للعدو في الشيخ زويد من هناك، بدأت الأسطورة، اتخذوا رأس النمر شعارًا لهم، رمزًا للقوة والدهاء، وسرعان ما انتشر اسم إبراهيم الرفاعي في صفوف العدو كلقب يرعبهم، إذ لم تكن عملياته تقليدية، بل كانت ضربات دقيقة تجمع بين الجرأة والذكاء، وعودته بعد كل مهمة كانت دومًا هي المفاجأة الكبرى.

في بداية عام 1968، واجهت مصر تحديًا جديدًا، بعدما قامت إسرائيل بإخفاء صواريخ لتعطيل عمليات البناء المصري، وكان طلب الفريق عبد المنعم رياض مباشرًا وحاسمًا، أراد صاروخًا من تلك الصواريخ لدراسته، لم يكن ذلك مستحيلًا بالنسبة لإبراهيم، فقاد رجاله لعبور القناة، وعادوا ومعهم ثلاثة صواريخ كاملة، كما هذه العملية أحدثت صدمة في الأوساط العسكرية، وأدت إلى إقالة القائد الإسرائيلي المسؤول عن تلك القواعد، كضربة نفسية قاسية للعدو.

لكن اللحظة الأشد تأثيرًا جاءت بعد استشهاد الفريق عبد المنعم رياض يوم 9 مارس 1969، أثناء زيارته لمواقع الجيش في الإسماعيلية عم الحزن أرجاء البلاد، وطلب الرئيس جمال عبد الناصر ردًا يليق بتضحية القائد الشهيد، وقع الاختيار على إبراهيم ومجموعته 39 قتال لتنفيذ عملية انتقامية في اليوم الأربعين لاستشهاد رياض، فاختاروا موقع المعدية 6، الذي خرجت منه القذائف التي أودت بحياة القائد، رسم إبراهيم الخطة، ودرب رجاله في صحراء دهشور، ثم محاكاة دقيقة للموقع في بحيرة قارون.

وفي ليلة 19 أبريل 1969، عبر أكثر من ستين مقاتلًا قناة السويس باستخدام قوارب زودياك، تحت غطاء ناري كثيف، اقتحموا الموقع الإسرائيلي الحصين باستخدام القنابل اليدوية والدخان، وتمكنوا من القضاء على 44 جنديًا إسرائيليًا، وتدمير دباباتين وعربة مدرعة، رفعوا العلم المصري فوق أنقاض الموقع، وبقي مرفوعًا لمدة ثلاثة أشهر، كرسالة صارخة بأن سيناء لن تظل تحت الاحتلال.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى