هدهد بئر العبد.. أسطورة سيناء التي أربكت العدو وجعلت الصحراء تنطق باسم البطولة
في قلب سيناء، حيث الرمال تحفظ أسرار الشجاعة والفداء، ولد شلاش خالد عرابي ابن مركز بئر العبد، الذي صار لاحقًا يعرف باسم هدهد بئر العبد، الرجل الذي جعل الصحراء تشهد على أروع صور التضحية والوطنية، وكان من أبناء البادية المصرية الأصيلة، ينتمي إلى واحدة من أعرق قبائل سيناء، وكان قلبه معلقًا بحب مصر وروحه متقدة بروح المقاومة.
من هو شلاش خالد عرابي
في أواخر الستينيات، وبينما كانت سيناء تعيش تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي، برز شلاش كأحد أبرز رجال منظمة سيناء العربية، وأمهر مندوبي المخابرات المصرية، حيث تحرك في الخفاء بين خطوط العدو، يجمع المعلومات وينقلها بدقة وشجاعة، موجّهًا ضربات موجعة للاحتلال الذي لم يكن يتوقعها.
أربك شلاش أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، حتى صار اسمه يتردد في أروقة الشاباك كالكابوس الذي لا يزول، خصصت إسرائيل آلاف الدولارات لمن يدلي بمعلومة عنه، حيًا أو ميتًا، لكنه ظل عصيًا على الملاحقة، يتنقل بحذر وذكاء، يقاتل في الظل من أجل وطنه دون خوف أو تردد.
كل عملية نفذها كانت صفعة جديدة لغرور الاحتلال، إلى أن جاءت العملية رقم 64 في ديسمبر عام 1969، حيث اشتبك بشجاعة نادرة مع قوات العدو قبل أن يقع في الأسر بعد مقاومة عنيفة، أصيب شلاش في فكه ولسانه، لكنه ظل يقاتل حتى آخر طلقة، رافضًا الاستسلام رغم جراحه.
في الأسر، تعرض لتعذيب قاسٍ لم ينجو منه الكثير، إلا أن عزيمته بقيت صلبة كجبل التيه، كما وقف أمام المحكمة العسكرية الإسرائيلية شامخًا، بينما وصفه المدعي العام العسكري عوزي زاك بأنه زعيم إحدى أخطر شبكات التجسس التي واجهتها إسرائيل على الإطلاق، حكم عليه بالسجن 39 عامًا، لكن روحه ظلت حرة تحلق فوق رمال سيناء كالهدهد الذي لا يقيد.
وفي مارس 1974، عاد هدهد بئر العبد إلى وطنه ضمن صفقة تبادل الأسرى التي طالبت بها المخابرات المصرية، كما خرج من الأسر مثخنًا بالجراح، لكنه عاد مرفوع الرأس، يحمل وسام الشرف والفداء، كرمته الدولة ومنحته نوط الامتياز من الدرجة الأولى تقديرًا لما قدمه من خدمات جليلة للوطن والقوات المسلحة.



