المزيد

الزفاف الكويتي بين تقاليد الأمس وتحولات اليوم

يشكل الزواج في المجتمع الكويتي مناسبة بالغة الأهمية، تتعامل معها العائلات بالكثير من الحرص، وتبذل من أجلها أقصى ما يمكن من نفقات، بما يفوق أحيانًا طاقتها المالية في الماضي، لم يكن الزواج مجرد ارتباط بين شخصين، بل تحالف بين أسر تشترك في المكانة الاجتماعية والوضع المادي والانتماء العقائدي الأهل كانوا الطرف الأساسي في اختيار الشريك، ولم يكن للزوج أو الزوجة أي دور في هذه الخطوة الحاسمة.

عادات الزفاف الكويتي

حين يتعذر وجود شريك مناسب من الأقارب أو المعارف، تلجأ الأسرة إلى امرأة تُعرف بالخاطبة، تتولى مهمة البحث عن فتاة مناسبة، عندما تعثر الخاطبة على فتاة تراها ملائمة، تخبر أهل الشاب، وبعد موافقتهم تبلغ أهل الفتاة إذا لاقى الاختيار قبول الطرفين، تُحدد زيارة تجمع الأسرتين تمهيدًا للخطبة.

خلال فترة الخطوبة، تلتزم الفتاة بالبقاء في بيتها، ولا يسمح لها بمقابلة أحد خارج العائلة في هذه المرحلة، يقدم والد الشاب لزوجته مبلغًا من المال لشراء ما يعرف بهدية الزواج، أو ما يسمى الدزة، وهي عبارة عن أربع أثواب ثمينة ولفتين من الأقمشة، إضافة إلى مناشف، وأغطية للسرير، وبطانيات فرقة نسائية متخصصة في إحياء المناسبات تتولى نقل الدزة إلى بيت العروس مساء الخميس أو الاثنين، على وقع الأغاني الشعبية، في موكب يضيئه نور الفوانيس، وعندما يقبل والد الفتاة الهدية، يبارك للفرقة، وتبدأ الاستعدادات الحقيقية للزفاف.

ليلة الزفاف تشهد مشهدًا احتفاليًا مميزًا، إذ يتوجه العريس من بيته إلى بيت العروس، يرافقه والده وأعمامه وأقاربه وجيرانه وعند وصوله، تستقبله النساء بالأغاني والزغاريد، وسط أجواء احتفالية مبهجة.

وفي بعض الحالات، تنظم الأسرة حفلًا خاصًا للعروس المحبوبة يعرف بالجلوة، يقام في منزل أهلها ترتدي العروس خلاله ثوبًا أخضر وتجلس على كرسي، ويغطي رأسها وشاح من الحرير الأخضر تحمل نساء من الأسرة وأعضاء الفرقة أطراف الغطاء، ويرفعنه ويخفضنه بإيقاع أغنية مخصصة لهذه المناسبة، ثم تُنقل العروس وهي على كرسيها إلى حجرتها حيث ينتظرها زوجها.

بعد مرور أسبوع من الزفاف، ينتقل الزوجان إلى منزل أهل الزوج، يرافقهما الأهل والجيران، باستثناء والدة العروس التي لا ترافق ابنتها، اعتقادًا بأن وجودها في هذه اللحظة يجلب الحظ السيئ.

ومع مرور الزمن، أثرت التغيرات الاجتماعية في الكويت على طريقة اختيار الشريك، فسمحت علاقات الاختلاط في الجامعات والمناسبات والعمل والنوادي للشباب والفتيات بالتعارف قبل الارتباط، الأمر الذي فتح المجال للزواج المختلط، فبدأ الشاب الكويتي يرتبط بفتاة أجنبية، والعكس، خاصة أثناء الدراسة في الخارج.

كما ساهم ارتفاع نسبة التعليم وزيادة فرص العمل في مختلف القطاعات في تأخير سن الزواج إلى الرابعة والعشرين، بدلًا من السن المبكر المعروف سابقًا بعد أن يختار الشاب شريكته وتحظى بموافقة الأهل، تبدأ المراحل الرسمية، التي تمزج بين العادات القديمة واللمسات العصرية، حسب طبيعة الأسرة.

يتقدم الشاب لطلب الزواج رسميًا من والد الفتاة أو من أحد كبار رجال العائلة في حال غياب الأب، وتبدأ بعد ذلك مناقشة التفاصيل المادية، وأبرزها المهر، الذي يتحمله الرجل وعند الاتفاق، يُعلن الارتباط بإقامة حفل خطوبة داخل منزل الفتاة، بحضور العائلتين.

تختلف مدة الخطوبة حسب ظروف العروسين، لكنها غالبًا ما تستمر لمدة شهر، يليها حفل زفاف ضخم في قاعة عامة أو فندق راق، حيث يُقام احتفال خاص للرجال يتبادل فيه الحضور التهاني، بينما تستمتع النساء بحفل يضم الغناء والطرب، ويختتم الزواج بتتويج التقاليد بنكهة العصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى