وطنيات

عبد المنعم قناوي: بطل سيناء المجهول ومقاوم الاحتلال الإسرائيلي

أسماء صبحي 

تعد سيناء واحدة من أبرز المناطق التي شهدت صراعات طويلة مع الاحتلال الإسرائيلي بعد نكسة 1967. ومن بين الشخصيات التي لعبت دورًا بطوليًا في المقاومة الفدائية كان عبد المنعم قناوي المعروف بـ”صقر السويس”. فلم يكن مجرد مقاتل فدائي، بل كان نموذجًا فريدًا من البطولة التي صنعت الفارق في الصراع العربي الإسرائيلي.

نشأة عبد المنعم قناوي

ولد عبد المنعم في 21 فبراير 1945 بمدينة السويس، ونشأ وسط بيئة مليئة بالتحديات. ومنذ صغره كان يتمتع بشخصية جريئة ومقدامة مما جعله محط أنظار قادة المقاومة فيما بعد. ومع اشتداد العدوان الإسرائيلي بعد 1967، لم يكن أمامه سوى خيار واحد وه الانضمام إلى صفوف الفدائيين والمشاركة في العمليات ضد الاحتلال.

ومع احتلال سيناء بالكامل عام 1967، تم تشكيل منظمة سيناء العربية. وهي مجموعة من الفدائيين المصريين الذين عملوا بتنظيم محكم تحت قيادة المخابرات الحربية المصرية. كما كان هدف المنظمة تنفيذ عمليات نوعية ضد القوات الإسرائيلية داخل سيناء وهو ما جذب قناوي للانضمام إليها.

وبعد تدريبات شاقة استمرت عدة أشهر، تم تصفية المتقدمين من 150 شخصًا إلى 40 فدائيًا فقط ليكونوا النواة الصلبة للمقاومة السرية.

أهم العمليات الفدائية

في عام 1969، شارك قناوي في أول عملية فدائية نهارية استهدفت مواقع إسرائيلية متحركة داخل سيناء. كما كان نجاح هذه العمليات بمثابة ضربة معنوية قوية للاحتلال الإسرائيلي. حيث تمكن الفدائيون من رفع العلم المصري فوق أراضي سيناء المحتلة، مما أثار الفزع داخل القيادة الإسرائيلية.

وإحدى أخطر العمليات التي شارك فيها كانت محاولة اختطاف مدير المخابرات الإسرائيلية في سيناء أثناء تحركاته في منطقة “أبو رديس”. ورغم أن العملية لم تكتمل بنجاح بسبب الحصار الذي استمر 36 ساعة. إلا أن الفدائيين تمكنوا من الفرار بعد تنفيذ هجوم خاطف تسبب في خسائر للإسرائيليين.

وفي إحدى المهام الأكثر خطورة، طلب المقدم فتحي عباس قائد المخابرات العسكرية. من قائد منظمة سيناء ترشيح مقاتل لتنفيذ عملية تجسس خلف خطوط العدو بدون سلاح. كما كان الاختيار على عبد المنعم قناوي الذي عبر إلى سيناء بمفرده متخفيًا في زي مدني.

وحمل معه آلة تصوير وجهاز لاسلكي لنقل المعلومات فور سماع الإشارة المتفق عليها عبر إذاعة “صوت العرب”. وخلال مهمته اكتشف موقعًا إسرائيليًا سريًا يضم 4 جنود كانوا يرصدون تحركات الجيش المصري. وتمكن من تصويره بدقة وإبلاغ القيادة.

بفضل هذه المعلومات، قام الجيش المصري بنقل مقر الجيش الثالث الميداني إلى موقع آخر. وبعد ساعات فقط تعرض الموقع السابق لهجوم جوي إسرائيلي مكثف. ولو لم يكن قناوي قد كشف الأمر لكانت القيادة العسكرية المصرية قد تعرضت لكارثة.

دوره في حرب أكتوبر 1973

لم يتوقف دور عبد المنعم عند العمليات الفدائية في حرب الاستنزاف. بل كان من أبرز المدافعين عن السويس خلال معركة الصمود في 24 أكتوبر 1973. كما قاتل جنبًا إلى جنب مع أبطال المقاومة الشعبية والجيش المصري. وتمكنوا من صد الهجوم الإسرائيلي على المدينة، مما أجبر قوات العدو على الانسحاب.

وبعد الحرب، لم يسعى قناوي إلى الشهرة بل فضل العيش ببساطة. واستمر في العمل كسائق ميكروباص ينقل طلاب السويس. لكنه كان دائمًا يحكي لهم عن بطولات الفدائيين، ليبقى إرثهم حيًا في ذاكرة الأجيال القادمة.

وأكد عبد المنعم قناوي، في تصريح سابق على أهمية الحفاظ على تاريخ الفدائيين قائلاً: “السويس لم تدافع عن نفسها فقط. بل كانت تدافع عن كل مدينة مصرية، كما كنا نحارب بلا سلاح أحيانًا، لكن إرادتنا كانت أقوى من أي جيش”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى