عادات و تقاليد

“رقصة الدحة”.. أشهر عادات قبائل السعودية وعلاقتها بمعركة “ذي قار”

أسماء صبحي
 
تتميز قبائل السعودية بالعديد من العادات والتقاليد التي لن تستطيع حصرها، كما أن تاريخهم حافل بالانجازات العظيمة، خاصةً المعارك والحروب التي هي موطن الفخر لكل قبيلة من القبائل التي عاشت على أرض المملكة، حيث تعتبر هذه المعارك برهان ودليل واضح على مدى شجاعتهم وبسالتهم في خوض الكثير من المعاركـ.
 
ومن أهم وأبرز معارك القبائل السعودية هي معركة “ذي قار”، والتي انتصر فيها العرب على الفرس حينها، والمثير للدهشة أن أحد ضروب الفنون الشعبية قد نشأ في ذلك الوقت وهي ”رقصة الدحة” حيث انتشر كثيراً أن رقصة الدحة قد ظهرت في تلك المعركة، وباتت إلى يومنا هذا من الفنون الشعبية.
 

قصة رقصة الدحة

تعود نشأة رقصة الدحة إلى تاريخ بعيد حينما قامت مجموعة قليلة من قبيلة عنزة بالخروج على جمالهم وأثناء نزولهم للمبيت ليلا سمعوا أصوات قريبة منه فاستكشفوا فوجدوا جيشا يفوقهم عدة وعدد ولا يمكن مواجهته، وقد فطنوا أن هذا الجيش قد أرسل من يستكشف أمرهم، لذلك عمدوا إلى حيلة وهي الهدير مع الجمال بأصوات قوية وقد ظن الجيش أنهم جيشًا جرارًا لكثرة أصواتهم وأصوات جمالهم التي لا يقطعها طول الليل والمسافة، وقد غادروا كما جاءوا، ثم بعد ذلك أدخلوا فيها الشعر والرقصات .
 

قصة هند بنت المنذر

وعندما لجأت هند بنت المنذر في العراق لقبيلة بكر بن وائل هرباً من بطش كسرى فارس الذي أهان القبائل العربية وكان يريد استباحة شرفها، وقامت جموع أبناء وائل بنو حنيفة في اليمامة وبنو عبد القيس وغيرهم لنصر أبناء قبيلة بكر، وقد اجتمع الجيشان جيش القبائل العربية وجيش كسرى في مكان يدعى ” ذي قار” وانتهت هذه المعركة للنصر للعرب وكسر جيش الفرس، ومن هنا بدأت لذة الانتصار في أبناء القبيلة، ومن هذا الموقف العظيم وقف الرجال صفًا وباتوا يؤدون هذا اللون الشعبي الأصيل الذي يعبر عن نخوتهم وشهامتهم لبنت المنذر وحمايتها من بطش أقوى دولة في ذلك العصر .
 

معركة ذي قار

وعلى الرغم من ربط رقصة الدحة بمعركة ذي قار على مدى سنوات عدة، إلا أن هناك من يشكك في صحة هذا التاريخ، فقد صرح المؤلف والباحث التاريخي في الأنساب ”عبدالله بن عبار” بأن ربط “رقصة الدحة” بمعركة ذي قار رواية شعبية لم يثبت صحتها، وانتشرت في هذا العصر ورسخت في أذهان العوام وهي “لا علاقة لها بالمعركة بتاتاً”، وقد كتب العديد من المقالات والكتب وتتبع من خلالها معركة ذي قار فلم يجد أي ذكر لرقصة الدحة، وقال إن المعركة حدثت قبل عام الهجرة بعشر سنين فمن الصعب أن تكون رواية منقولة منذ 1455 سنة دون أن تدون بكتاب.
 
وقال أيضا: “الدحة مجرد لعبة ليس لها أي تاريخ وهي مثل القلطة والعرضة والدبكة، وليست مختصرة على قبيلة معينة بل تلعبها جميع قبائل الشمال في الأردن وفلسطين، وهي خاصة بالبادية، ومن القبائل التي تلعبها عنزة والشرارات والحويطات وبني عطية وبني صخر والعظامات والشرفات والمساعيد والعجارمة والعدوان والحجايا والسردية”.
 

طريقة رقصة الدحة

تؤدى رقصة الدحة بشكل جماعي، حيث يصطف الرجال بصف واحد أو صفين متقابلين ويسمون الرواديد، على أن يغني الشاعر المتواجد في منتصف الصف قصيدته تشبه الهجيني ويردد الصفان بالتناوب، والبيت المتفق عليه سلفا بالتدرج بين كل بيت شعر يلقيه الشاعر وفي الأغلب فإن هذا البيت هو “هلا هلا به يا هلا.. لا يا حليفي يا ولد” فرقصة الدحة هي عبارة عن أهازيج وأصوات تشبه زئير الأسود أو هدير الجمال كما يعرفها الباحث التاريخي محمد السبيل .
 
وهنا تتنوع القصيدة الملقاة بين المدح والفخر والذكر والحمد والفرحة والغزل، ويتم تأديتها بأسلوب قصصي سردي لديار أو هجاء أو مدح، وتأتي حركة الدحية في نهاية القصيدة حيث يستعمل التصفيق كلون إيقاعي يتميز بالحماس في أدائه الحركي، ويتطلب على كل مشارك في هذه الرقصة أن يوفق بين الأداء الحركي والنفسي حتى يتمكن من مجاراة باقي المشاركين، ومن الجدير بالذكر أن شاعر الدحية يسمى بالإبداع وقصيدة الدحية تعرف عند البعض بالبدعة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى