كيف كانت حقوق العمال عند المصريين القدماء؟.. خبير أثري يكشف
أميرة جادو
كشف الخبير الأثري والمتخصص في علم المصريات، الدكتور “أحمد عامر” أن القوة البشرية والعمالية في مصر القديمة كانت بمثابة كلمة السر في قيام أعظم حضارة عرفتها الإنسانية على وجه الأرض، ولقد عرف حكام مصر القديمة حقوق العمال، ف حضارة مصر القديمة قامت على ثلاثة أسس هي الإيمان والعمل والعلم، وكان العمل هو التطبيق العملي للإيمان والعلم.
منظومة العمل في مصر القديمة
واعتبر “عامر”، أنّ قدماء المصريين تفردوا بمنظومة العمل الجماعي، فشقوا قنوات الري وأنشأوا السدود وشيدوا المعابد وحفروا المقابر في تناغم شديد فيما بينهم، فقد تعددت المهن والحرف وبفضل هؤلاء المهرة من الصناع والفنانين والمثالين والنحاتين الذين كانوا يعملون في الخدمات العامة فقد شيدت وقامت روائع الأعمال المعمارية من العمائر الدينية والجنائزية والتي تعد من أهم خصائص الحضارة المصرية القديمة، وتمثل فئة العمال والمزارعين الكثرة الغالبة من الشعب.
حقوق العمال عند المصريين القدماء
وأشار “عامر” إلي أن الحضارة المصرية القديمة أعطت للعامل العديد من الحقوق في أثناء العمل المُكلف به، فكان فريق العمل الذي عمل على بناء مدفن الفرعون كان يتألف من مابين اربعين الى ستين شخصا وكانوا مقسومين الى مجموعتين كل واحدة منهم تعمل في طرفها الخاص من المدفن، على رأس كل مجموعة كان يقف “المعلم”.
واضاف “عامر”، أن المعلمين والخطاطين كانوا يشكلون “القيادة العليا” ويقدمون تقاريرهم مباشرة الى مساعد الفرعون “الوزير” الذي كان يزور الوادي دوريا للتفتيش، وكانت مدة العمل ثمانية ساعات يومياً، وكانت مرتباتهم فى شكل مواد غذائية من الصوامع والمخازن الملكية ومنها خضار وأسماك وقطع من النحاس والقماش وحبوب وبقول وزيوت ودهون وجعة، بجانب مكافأة تشجعية تصرف فى المناسبات مثل أعياد دينية وجلوس الملك، من الجعة المستوردة وملح النطرون.
قرى خاصة للعمال
وتابع “عامر”، أن هناك قرى خاصة كانت مخصصة للعمال مثل مدينة عمال الهرم الأكبر، وفي عصر الدولة الحديثة بدأ العمال يستقرون في قرى خاصة بهم ليكونوا بالقرب من عملهم واستقرار بقرية “دير المدينة” والتي يرجع إسمها إلي “الدير القبطي” الذي أُنشئ في القرن السابع الميلادي أما الأسم القديم لها فكان “مكان الحق”، ويبدو أن أقدم قرية في دير المدينة قد شيدت في عهد “تحوتمس الأول” الذي عثر علي إسمه مختوماً علي قوالب من الطوب اللبن التي استخدمت في بناء السور الذي أحاط بأول قرية، وقد كان الملك “أمنحوتب الأول”هو أول من فكر في تكوين طائفة خاصة من العمال والنحاتين والفنانين ولهذا أصبح محل تقديس بعد وفاته،وفي عصر الدولة الحديثة.
أول نقابة للعمال في التاريخ
كما لفت “عامر”، إلى أن أول نقابة للعمال في التاريخ، جرى إنشاؤها بمدينة العمال في الأقصر، أما عن إنشاء أول نقابة للعمال في التاريخ، جرى إنشاؤها بمدينة العمال في الأقصر، في عهد الملك “رمسيس الثالث”، وأن تلك المدينة تعد بمثابة “منجم ” من المعلومات عن العمل والعمال في مصر القديمة.
واستطرد الخبير الآثري، أن مدينة دير المدينة كانت تتكون كانت المدينة تتكون من حوالى ٧٠ بيتًا، وتضم ٤٠٠ أسرة و٥٠٠٠ فرد وتضم أسر كاملة من رجال ونساء واطفال، وقد تألف مجتمع العمال أيضاً من زوجات وأطفال العمال وكان بعض الأولاد الصغار يمارسون الأعمال المؤقتة مثل توصيل الرسائل ولذلك عرفوا ب “أطفال المقبرة” بالرغم من أنهم لم يدرجوا رسمياً ضمن قوة العمل، كما أن كان حول سور المدينة بعرض ٥٠X ١٣٠م، وكان المنزل يتكون من طابق واحد من الطوب اللبن ومطلى بالجص وعليه بعض الزخارف والسقف من جذوع النخل وحوالي ٧٠م، كما أن العمال في مصر القديمة تمتعوا بإجازة أسبوعية مدتها ثلاثة أيام، حيث كان الأسبوع لديهم ١٠ أيام، كما عرفوا عطلات العمل في الأعياد والمناسبات الدينية، وكان يوجد بموقع العمل سجلا يدون فيه الحضور والانصراف لكل العمال، حيث عثر على قطعة حجر بالمتحف البريطاني عليها أسماء أكثر من ٤٣ عاملا وعدد أيام غيابهم.
اضطرابات واعتصامات
وأكد “عامر” أنه علي الرغم مما ناله العمال من تقدير واهتمام إلا أنه أيضاً قد نالهم جانب من الظلم وإهدار الحقوق فنجد أنه في العام التاسع والعشرين من حكم الملك “رمسيس الثالث” لم تصل المؤن في موعدها فما كان إلي أن قام الكاتب “آمون نخت” في اليوم الحادي والعشرين من الشهر الثاني بإعلان العمال بأنه “قد مضي من الشهر عشرون يوماً ولم تصلنا مؤنتنا من الطعام بعد” ثم ذهب لهذا السبب إلي المعبد الجنائزي القريب للملك “حور محب” وحصل علي طعام من أجل الجماعة وعلي الرغم من ذلك إستمر تأخير وصول المؤن مما أدي إلي قيام العمال بإضراب، ومن هنا نعرف أن أقدم الإضطرابات والاعتصامات في التاريخ للحصول علي الحقوق ونجد أن الإضراب والاعتصام كوسيلة من الوسائل المشروعة للتعبير عن الرأي كانت أيضاً قديمة مصرية.