تاريخ ومزارات

وراء كل مثل حكاية.. قصة “داري على شمعتك تقيد”

أميرة جادو

يعتبر المثل الشعبي “داري على شمعتك تقيد” من الأمثال المتوارثة التي ما زالت تتداول على ألسنة الكثيرين، وهو يجسد فكرة ضرورة التحفظ والكتمان، وعدم التباهي بالإنجازات والنجاحات لتجنب الحسد والعين.

في هذا الإطار،  أوضح الدكتور عادل سالم، الباحث والكاتب في الأدب الشعبي، أن هذا المثل يشبه الحسد بالنار التي قد تحول إنجازات الإنسان إلى رماد، مشيرًا إلى أن الحكمة منه تكمن في الحفاظ على النجاحات بعيدًا عن أعين الحاسدين، تمامًا كما تحتاج الشمعة إلى الحماية من الرياح كي تستمر في الإضاءة.

قصة “داري على شمعتك تقيد”

تعود أصول هذا المثل إلى حكاية تروى عن خياط ثري اشتهر بين أهل قريته بالبخل، بينما كان الجزار في نفس القرية معروفًا بسخائه وعطائه للفقراء.

بدأت القصة عندما لاحظ أحد الفقراء بخل الخياط، فخرج بين الناس يذيع خبره. وانتشر الحديث حتى أصبح حديث القرية بأكملها. ومع مرور الوقت، أصيب الخياط بمرض شديد، لكنه لم يجد من يعتني به، حتى وافته المنية دون أن يهتم أحد بأمره.

بعد وفاة الخياط، اجتمع الناس كعادتهم أمام محل الجزار، مترقبين حصتهم من اللحوم التي اعتادوا الحصول عليها. ولكنهم فوجئوا بأنه لم يوزع شيئًا هذه المرة. ومع تكرار الأمر في الأيام التالية. تجرأ أحدهم وسأل الجزار عن السبب.

كانت المفاجأة عندما أجاب الجزار قائلاً: “أنا لم أغير شيئًا، لكن الخياط -رحمه الله- هو من كان يعطيني المال لشراء الذبائح وتوزيعها على المحتاجين، وقد طلب مني ألا أذكر اسمه”.

الكرم الخفي أبلغ من التصنع

أثيرت حالة من الدهشة، إذ لم يكن الخياط بخيلًا كما تخيلوا. بل كان يمارس الكرم في صمت ودون أن يظهر إحسانه. أدرك الجميع حينها الحكمة العميقة وراء المثل الشعبي “داري على شمعتك تقيد”. إذ كما تحتاج الشمعة إلى الحماية من الرياح كي تظل مضيئة. يحتاج الإنسان إلى إخفاء أعماله الجيدة عن أعين الحاسدين حتى تبقى بركتها قائمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى