عملية ميونخ.. درس في عمليات الإنقاذ وتبادل الرهائن
عملية ميونخ هي حدث احتجاز رهائن لرياضيين إسرائيليين خلال دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في ميونخ، ألمانيا. بين 5 و6 سبتمبر عام 1972. نُفذت هذه العملية من قبل منظمة “أيلول الأسود”. وكانت مطالبها تتضمن الإفراج عن 236 معتقلًا في السجون الإسرائيلية. معظمهم من العرب، بالإضافة إلى كوزو أوكاموتو من الجيش الأحمر الياباني.
انتهت العملية بشكل مأساوي، حيث قتل 11 رياضيًا إسرائيليًا و5 منفذين فلسطينيين. بالإضافة إلى شرطي وطيار مروحية ألماني. تُظهر هذه الحادثة كيف أدت فشل المفاوضات ومحاولة فاشلة لإنقاذ الرهائن إلى تصاعد العنف، مما أسفر عن فقدان أرواح العديد من الأشخاص وزاد من حالة الصدمة العالمية.
في بداية عام 1972، قدم سعيد السبع (أبو باسل)، رئيس المجلس الأعلى لرعاية الشباب الفلسطيني، رسالتين إلى اللجنة الأولمبية الدولية يطلب فيها المشاركة بوفد فلسطيني في بطولة الألعاب الأولمبية. ومع ذلك، رفضت الحكومة الألمانية الطلب الفلسطيني في ذلك الوقت. في هذه الفترة، كان كل من محمد داوود عودة (أبو داوود) وصلاح خلف (أبو أياد) يبحثان عن رد فعل قوي على عمليات الاغتيال الإسرائيلية والقصف المتزايد لقواعد الفدائيين في لبنان.
في البداية، كان هناك تفكير في العمل ضد الموساد وأذرعه. ولكن بعد اغتيال غسان كنفاني في يوليو 1972، تغيرت الرؤية. قرر القادة الفلسطينيون القيام بعملية كبيرة للتأكيد على قدرتهم على الوصول إلى الإسرائيليين في الخارج.
كانت هناك اقتراحات عدة. مثل استهداف السفارات والقنصليات الإسرائيلية. ولكنها تم رفضها لتجنب المشاكل الدبلوماسية. ثم برزت فكرة ميونخ عندما رفضت اللجنة الأولمبية إشراك فريق فلسطيني في الأولمبياد.
قاد فخري العمري (أبو محمد) المهمة، وبالتعاون مع أبو أياد وآخرين، دخلوا إلى القرية الأولمبية بدون إذن، احتجازًا رياضيين إسرائيليين. رفضت الفكرة في البداية. لكن تمت الموافقة عليها لاحقًا. بدأوا التحضيرات، وأرسل أبو داوود لشراء الأسلحة واستطلع الموقف في ميونخ.
الحلقة الأولمبية التي صاغت تاريخ النضال الفلسطيني
تحولت الخطة تدريجيًا لتصبح عملية ميونخ، وفي هذا السياق، تم استعراض المحاولات الفاشلة لاغتيال بسام أبو شريف وأنيس صايغ. ازدادت التفاصيل حينما قابل أبو داوود أبا إياد وأخبره بموافقة أبو مازن على العملية وحثه على دراسة الوضع مجددًا.
في هذا السياق، انتهجوا خطة ميونخ كوسيلة لجذب الانتباه العالمي وتوجيه رسالة قوية للإسرائيليين بأن الفلسطينيين قادرون على الوصول إليهم في أي مكان.
في الثامنة صباحاً، أُعلن عن نجاح خمسة مسلحين في التسلل إلى جناح البعثة الإسرائيلية خلال الألعاب الأولمبية في ميونخ عام 1972، حيث قاموا بقتل رياضي واحتجاز 13 آخرين.
بدأت الشرطة الألمانية في إحاطة المبنى، وتم تمركز قناصة على أسطح المباني المجاورة، وبدأت المفاوضات مع المسلحين بحضور وزير الداخلية الألماني. قدم الأخير في البداية مقترحًا لمبادلة الرياضيين الإسرائيليين بمسؤولين ألمان. ولكن رفض المسلحون هذا الاقتراح. كما قدمت السلطات الألمانية مبلغًا غير محدد من المال، ولكن تم رفض هذا العرض أيضًا.
الجهود الألمانية لإنقاذ رهائن عملية ميونخ
تم نقل الرهائن والمسلحين إلى مطار فورشتنفيلدبروك. ورغم استمرار فعاليات الألعاب الأولمبية، طلب الفلسطينيون طائرة لنقلهم مع الرهائن إلى القاهرة. أقلعت طائرتان هليكوبتر محملتان بالفلسطينيين والرهائن إلى مطار فورشنفليدبروك. الذي كان تحت سيطرة حلف شمال الأطلسي.
تمت محاولة إنقاذ الرهائن، حيث أرسلت إسرائيل مسؤولًا كبيرًا من جهاز الأمن الإسرائيلي لتنظيم كمين. وفي حال تحقيق الهدف، كانت النية تصب في إطلاق سراح الرهائن. حتى لو أدى ذلك إلى مقتلهم، وكشفت جولدا مائير عن ذلك في تصريح أمام الكنيست.
وتم توزيع 12 قناصًا ألمانيًا في مواقع مختلفة في المطار، وبينما أطلقوا النار على المسلحين الفلسطينيين، رد الفدائيون بإطلاق النار على القناصين وتحطيم الأنوار الكاشفة. ما أدى إلى تداول الإطلاقات لمدة 3 ساعات.
انتهت عملية الإنقاذ بفشل، حيث قام القناصة الألمان في النهاية بقتل 11 رياضي إسرائيلي و5 من المسلحين الفلسطينيين إلى جانب ضابط شرطة ألماني وطيار مروحية ألماني، وتم تفجير المروحية.
عقب الحادثة، أطلقت ألمانيا سراح الفلسطينيين الثلاثة الناجينين في أكتوبر 1972 بعد عملية اختطاف لطائرة لوفتهانزا. ردًا على هذه العملية، نفذت إسرائيل عمليات اغتيال للأفراد المعتقَلين أينما كانوا، وعلى الرغم من الاعتقاد بأن اثنين من المسلحين الناجين قتلوا في إطار هذه العمليات. تشير بعض الدلائل إلى خلاف ذلك. وأكتب سيمون رييف أن عملية ميونخ كانت واحدة من أهم الأحداث في العصر الحديث. حيث ألقت الضوء على القضية الفلسطينية ودفعت بالصراع إلى المستوى الدولي وفتحت بابًا جديدًا للمقاومة الدولية.