رؤية الهلال قديمًا.. كيف تغيرت طرق إثباته من الماضي إلى الحاضر؟

أعتمدت رؤية الهلال قديمًا على العين المجردة فقط، حيث لم يكن للحسابات الفلكية دور في تحديد بداية الأشهر القمرية، وكان المسلمون يكتفون بإكمال الشهر ثلاثين يومًا في حال تعذر رؤية الهلال، إلا أن بعض الفقهاء بدأوا لاحقًا في إدخال الحسابات الفلكية، التي تعتمد على متابعة منازل القمر وفق قواعد علمية دقيقة.
رؤية الهلال في التاريخ الإسلامي
تشير دراسة بعنوان إثبات الهلال بين عصر الرسول والعصر الحديث إلى أن الإنسان القديم اعتمد على الرؤية المباشرة للسماء وظواهرها، ومع الوقت استخدم أدوات بسيطة وحسابات فلكية للحصول على معلومات أكثر دقة، وفي الجزيرة العربية قبل الإسلام، كان العرب يعتمدون على ملاحظاتهم الفطرية للسماء، ويعرفون مواقع النجوم وأوقات الأمطار من خلال ملاحظاتهم الطويلة للطبيعة.
علم الفلك في عهد النبي
في زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ظل علم الفلك امتدادًا لما كان عليه في العصر الجاهلي، لكنه شهد تصحيحًا لبعض المفاهيم المغلوطة مثل تأثير النجوم على الحوادث الأرضية أو الاعتقاد بالأبراج، أما تحديد الأشهر القمرية فكان يتم عبر الرؤية البصرية المباشرة، اتباعًا للحديث النبوي الشريف: “صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته”.
دور مصر في استطلاع الهلال
بحسب مصادر تاريخية، كان المصريون أول من قام باستطلاع هلال رمضان بشكل رسمي، حيث يذكر الإمام السيوطي أن القاضي غوث بن سليمان الحضرمي، قاضي القضاة في مصر خلال عهد العباسيين، كان أول من خرج لرؤية الهلال، ومع العصر الفاطمي، بدأ استخدام الحسابات الفلكية، واستمر هذا النهج في العصر المملوكي حيث كانت الرؤية تتم من مئذنة مجموعة السلطان المنصور قلاوون، وسط احتفالات شعبية ضخمة.
تطور أساليب رصد الهلال
في عهد محمد علي باشا ومع اقتراب القرن العشرين، انتقلت مسؤولية إثبات رؤية الهلال إلى المحكمة الشرعية، واستمرت الاحتفالات الشعبية التي كانت تشمل مواكب موسيقية وإطلاق الألعاب النارية، ومع تطور العلم، أنشئ أول مرصد فلكي في القلعة عام 1838، ثم انتقل إلى العباسية، قبل أن ينقل إلى حلوان عام 1903 لضمان رؤية أوضح.
وفي عام 1956، تم إلغاء نظام الاستطلاع بالعين المجردة، ليتم الاعتماد رسميًا على الحسابات الفلكية بسبب كثافة السحب وصعوبة الرصد.