خاير بك: الأمير المملوكي الذي خان سيده ومهد الطريق للعثمانيين في مصر
يشغل مسجد الأمير خاير بك موقعًا بارزًا بجانب مسجد آق سنقر في شارع باب الوزير بالعاصمة المصرية، القاهرة. تأسس المسجد في العام 908 هجريًا، الموافق 1503 ميلاديًا، بأمر من الأمير خاير بك، الذي كان ينتمي لطبقة الأمراء المماليك الجراكسة. خلال فترة حكم السلطان الغوري، بلغ خاير بك منصب حاجب الحجاب، أي رئيس الأمناء. وفي العام 910 هجريًا/1504 ميلاديًا، تم تعيينه نائبًا عن حلب.
تاريخ مسجد الأمير خاير بك
وظل يشغل هذا المنصب حتى العام 922 هجريًا/1516 ميلاديًا، وهو العام الذي شهد غزو السلطان سليم الأول للشام. في تلك الفترة، أوكل إليه الغوري مهمة قيادة الجناح الأيسر للجيش المملوكي. ومع تصاعد هجوم الجيش العثماني، خان خاير بك سيده وانسحب من المعركة، مما أدى إلى فوضى في صفوف الجنود وانهزام المماليك في معركة مرج دابق، التي قُتل فيها السلطان الغوري دون أن يُعثر على جثته. بعد ذلك، ساهم خاير بك في تسهيل دخول الجيش العثماني إلى مصر، وزرع الفتنة بين صفوف الجيش المملوكي العائد من الشام، مما أدى إلى سقوط الدولة المملوكية وأسر وقتل آخر ملوكها، طومان باي. وهكذا بدأت الحقبة العثمانية في مصر، حيث كان خاير بك أول من تولى حكمها نيابةً عن العثمانيين، وتصرف في شؤونها بقسوة وعنف، مما أدى إلى تدهور الأوضاع في البلاد، وتوفي في العام 928 هجريًا/1521 ميلاديًا.
تصميم المسجد
يتميز المسجد بواجهة خارجية تضم قبة مزينة بزخارف نباتية رائعة، ومئذنة فقدت قمتها في زمن غير محدد، ومدخل مقوس يعلوه طاقية مقرنصة، بالإضافة إلى سبيل يقع في الجهة الشمالية من الواجهة. تتناغم هذه العناصر معًا لتشكل تكوينًا جماليًا متناسقًا، مع ميزة عدم الاصطفاف على خط مستقيم، ما يعزز من جمالية البناء. يؤدي المدخل إلى سلسلة من الدرجات المقوسة، وعلى اليسار يوجد باب يقود إلى ممر ينفتح على فضاء يضم مباني ومقابر متفرقة. وتطل الواجهة الخلفية للمسجد على هذا الفضاء، بالإضافة إلى بقايا واجهة قصر الأمير الناق، أحد أمراء المماليك البحرية.
يتألف تصميم المسجد من مساحة مربعة تحيط بالمحراب، وعلى جانبيها إيوانان يفصلهما عن المحراب عقدان. في نهاية الإيوان القبلي يوجد بابان، أحدهما يؤدي إلى القبة والآخر إلى غرفة تحت المئذنة. يلفت الانتباه في المسجد طريقة التسقيف بقبوات مصلبة من الحجر، وشبابيك عمودية تزين كل جدران المساحة المربعة من الداخل، وقبوات حجرية دقيقة تغطي الوجهات.