شيدا لخدمة العلم.. حكاية القصران التوأمان للحشرات والشؤون الاقتصادية والقانونية
أميرة جادو
تضم أرض مصر العديد من الأبنية التي تعكس العراقة والتاريخ، وشكّلت متحفًا مفتوحًا يمكن من خلاله التعرف على الأساليب الفنية المختلفة والطراز المعماري الفني لهذه الحقبة الزمنية.
ووفقًا لما ذكر في كتاب قصور مصر، للكاتبة سهير عبدالحميد، تعتبر قصور مصر تاريخ لا يزال حيا. لأنها ليست مجرد أمكنة وجدران وشوارع إنما هي سجل يخلد أسماء وشخوصا وأحداثا رمز لنمط عمارة ساد وظروف عصر خلا وثقافة مجتمع تقلبت عليها السنون وظلت تحمل شيئا من توقيعه لا يزال محفوراً في ومضة هنا وأخرى هناك.
حكاية القصران التوأمان
لازلنا في القاهرة، وتحديدًا في رمسيس، حيث الزحام والضوضاء الشديدة التي ربما تمنعنا أحيانًا أن نرى جمال هذه المنطقة من القاهرة، وما تضمه من أماكن تراثية، واليوم مع القصرين التوأمين في شارع الملكة نازلي، أمر الأمير فؤاد الأول بإقامة القصرين في مطلع القرن الـ20، الأول بني ليكون مقرا للجمعية الملكية للإحصاء والتشريع، التي ما زالت واجهتها تحمل الاسم نفسه والشعار الملكي جزء من وعي الجمعية بأهمية بصمات التاريخ، وكان يرأسها الأمير فؤاد الأول.
والقصر الثاني في نفس الشارع كان مقرا للجمعية المصرية لعلم الحشرات، وهما يشتركان في النظام والنقوش والأبليكات والمصابيح الأثرية ذاتها، والقاعة المخصصة للمحاضرات، فهم متطابقان وكأنهما كتلة واحدة.
وفي عام 1913،أصدرت الجمعية الملكية أول عدد لمجلة علمية متخصصة في العلوم باللغة الفرنسية تحت اسم “مصر المعاصرة”. وكان نشاطها تلخص في تنشيط المباحث النظرية والعلمية المتعلقة بالعلوم الاقتصادية والقانونية من خلال تنظيم دروس ومحاضرات مناقشات تتعلق بهذه المجالات. والقيام بنشر المؤلفات أو الرسائل المتعلقة بأنشطتها. علاوة على تنظيم المؤتمرات وفتح المسابقات ومنح الإعانات.
ومازالت هذه الجمعية مستمرة في أنشطتها حتى الأن، حيث تصدر مجلة ربع سنوية، وتعقد مؤتمرين في السنة، للشؤون الاقتصادية والقانونية، وموسم ثقافي ممتد من مايو حتى أكتوبر من كل عام.
تصميم القصران
وبحسب ما ذكرته الكتابة، فأن عند زيارتها للمبنى شاهدت رخام الأرضيات الأصلي والنجف والأبليكات والفوانيس التي تزين المبنى المكون من طابقين، والشماعات نفسها المصنوعة من خشب الأرو -كان البكوات يضعون عليها العصا والطربوش- وغيرها من التفاصيل التراثية.
أما المبنى الثاني تغير بعض الشيء، وكان يضم أقدم جمعية حشرات في العالم، وأهم ما يميزها متحف الحشرات الذي احتفظ بالصناديق الخشبية المخصصة لحفظ مختلف أنواع الحشرات بطريقة علمية منظمة، وضم هذا المكان 70 ألف عينة حشرية تمثل 4000 نوع من الحشرات، فراشات وأنواع من الذباب والجعل المقدس (الجعران) محفوظة بشكل منظم منذ نحو قرن مضى، وأيضا مجموعات تمثل البيئة الحشرية لكل من لبنان وسوريا والسودان وليبيا وإنجلترا.