المزيد

صيد الصقور في قطر.. رحلة بين التراث والاحتراف الطبي والسياحي

يشهد صيد الصقور في قطر إقبالاً واسعاً من السياح المهتمين برياضة الصيد التقليدية، سواء من داخل البلاد أو خارجها، في إطار منظومة متكاملة تراعي القوانين البيئية وتلتزم بحماية الأنواع المهددة بالانقراض، وقد انضمت قطر إلى اتفاقية التجارة الدولية الخاصة بالأنواع البرية من الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض سايتس منذ أغسطس عام 2001.

صيد الصقور في قطر

يعد موسم صيد الصقور من الأحداث السنوية البارزة على خريطة السياحة القطرية، حيث يوفر للزوار فرصة فريدة لمعايشة تجربة الصيد أو متابعتها عن قرب، إلى جانب اكتشاف أبعاد ثقافية عميقة في الموروث الشعبي القطري، إذ يمثل الصقر رمزاً أصيلاً يتجسد من خلاله ارتباط الإنسان بالطبيعة في توليفة فريدة بين التاريخ والحاضر.

تبدأ الاستعدادات لموسم الصيد في أغسطس من كل عام، حيث يجري استيراد أنواع متنوعة من الصقور من دول مثل الولايات المتحدة، بريطانيا، إسبانيا، إيران، باكستان، سوريا، مصر، وأفغانستان، وتشكل هذه الطيور نواة الموسم الذي ينتظره عشاق الصقور بشغف.

ضمن إطار هذه المنظومة المتكاملة، يحتضن سوق واقف ركناً خاصاً لبيع وشراء الطيور بما في ذلك الصقور، ويعد هذا السوق وجهة رئيسية لهواة الصقور والمبتدئين، حيث يعرض تجار الصقور جميع الأنواع، سواء المنتجة في المزارع أو البرية، مثل الشاهين، الجير شاهين، الحر، والقرشومة، إلى جانب مستلزمات تربية وتدريب الصقور مثل البراقع، السبوق، المرسل، الدسوس وغيرها من المنتجات المحلية التي تغني السوق عن الاستيراد.

قبل انطلاق موسم الصيد، تستضيف العاصمة القطرية معرض كتارا الدولي للصيد والصقور سهيل بنسخته الثامنة لعام 2024، والذي بدأ أمس ويستمر حتى 14 سبتمبر، وشارك في المعرض عدد كبير من الشركات المحلية والإقليمية والدولية العاملة في مجال أسلحة الصيد ومستلزماته، ومعدات الرحلات والصقور، إضافة إلى حضور مؤسسات رسمية تقدم خدمات متخصصة للزوار.

وأطلقت اللجنة المنظمة اسم سهيل على المعرض منذ انطلاقه عام 2017، تيمناً بظهور نجم سهيل الذي يبشر ببدء موسم المقناص وبداية فصل الشتاء وانطلاق الرحلات البرية، ويعد المعرض من بين أبرز الفعاليات السنوية التي ينظمها الحي الثقافي كتارا، ويهدف إلى إحياء التراث الثقافي وتعزيز حضور الصيد بالصقور ضمن المشهد السياحي المحلي والإقليمي.

يشهد المعرض تنظيم مزاد مخصص لبيع الصقور، إلى جانب جناح للحرف اليدوية المرتبطة بالصيد ومستلزماته، إضافة إلى تجهيزات الرحلات البرية ومعدات السيارات الخاصة بالمقناص، مما يوفر تجربة متكاملة للزوار والمحترفين على حد سواء.

بجانب معرض سهيل، تنظم فعالية سنوية أخرى تحت اسم مهرجان قطر الدولي للصقور، ما يعزز حضور هذا التراث في مختلف المناسبات والمواسم. كما يشكل سوق واقف مركزاً متكاملاً لتوفير جميع احتياجات هواة الصقور من الأنواع المختلفة وحتى الأدوات والمعدات المطلوبة.

يشتهر السوق كذلك بوجود مستشفى متخصص للصقور، يتألف من أربعة طوابق ويقدم خدمات طبية عالية المستوى، تشمل الجراحات الدقيقة لعلاج الكسور والأنسجة الرخوة، إضافة إلى مختبرات للأنسجة والأدوية، وأقسام مخصصة لتدريب المبتدئين في عالم الصقارة، ما يضمن الرعاية الكاملة لهذه الطيور النادرة.

فحوصات الأشعة تعد جزءاً أساسياً من الرعاية الطبية المقدمة في المستشفى، وتستخدم لكشف الكسور أو الرضوض ومشاكل الجهاز العظمي والمفاصل، كما تشمل تشخيص أمراض المعدة والكبد والطحال، ويستخدم المنظار لفحص الجهازين الهضمي والتنفسي، مما يعزز دقة التشخيص والعلاج.

يقع المستشفى في محيط تتوزع فيه مجموعة من الفنادق الاقتصادية التي يقصدها الصقارة من دول الخليج ومن أنحاء العالم للاستفادة من خدمات المستشفى المتخصصة، ويحرص الزوار على إجراء فحوصات دقيقة قبل شراء أو بيع الصقور، أو بعد انتهاء موسم الصيد والتدريب، لضمان صحة وسلامة الطيور.

وتنظم العاصمة القطرية منذ عام 2014 مؤتمراً دولياً متخصصاً في بيطرة الصقور، يشارك فيه نخبة من الأطباء والعلماء في طب الطيور الجارحة، ويعد هذا المؤتمر منصة عالمية نادرة لمناقشة أحدث الأبحاث والممارسات الطبية المتعلقة بالصقور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى