فرحة وعودة للتراث في الدواوين.. عادات بدو سيناء للاحتفال بالعيد
أميرة جادو
يتمسك بدو سيناء في مناطق الشمال والجنوب بالعديد من العادات والتقاليد التي يتوارثونها جيل بعد جيل، خاصةً في الاحتفال بالعيد بالبيوت والمجالس والدواوين، وقبل يوم من حلول العيد يبدأ التجهيز في الدواوين بتحضير ما يلزم يوم العيد من مشروبات الشاي والقهوة وتنظيف المكان وتهيئته لاستقبال المهنئين والمباركين بالعيد.
“وقفة العيد.. واستقبال الضيوف”
ومن جهته عطالله الجداوي، أحد أبناء قبيلة السواركة بشمال سيناء، والباحث في التراث السيناوي، إن توالى الظروف على كل سيناوى لم ينال من عادات احتفالهم بالعيد وهو أحدهم، مضيفا أنه يتم تطبيق شعار العيد فرحة مبكرا يستعد الرجال بتهيئة مكان استقبال الضيوف وكذلك السيدات في بيوتهن، مشيرًا إلى أنه قبل حلول العيد يكون يوم “وقفة العيد” وهى يوم التسوق حيث تذهب الأسر لأسواق المدن للتسوق وشراء احتياجات العيد من الملابس لافتا انه حتى وقت قريب لم يكن ابناء بادية سيناء يعرفون ” كحك العيد ” ويحضرون كميات من الحلويات وفول السوداني يخلطونها للإهداء يوم العيد، ولكن حاليا بدأت الكثير من الأسر للاتجاه لكحك العيد مطهية في البيوت او جاهزا من الأسواق.
“صلاة العيد.. والأثواب التقليدية”
وأضاف “الجدوي”، يتم استقبال المهنئين في المجالس استقبال المهنئين في المجالس، متابعًا أنه صبيحة يوم العيد يحرص الجميع من الرجال والشباب والأطفال على أداء صلاة العيد وهمك يرتدون الأثواب التقليدية واغطية الرأس للرجال، وبعد الصلاة يتناولون ” لقمة سريعة ” وفى الغالب يكون طعام مالح، لافتًا إلى أنه بعد صلاة العيد يتوجه الرجال في مواكب جماعية لتقديم التهنئة لأرحامهم من كبار السن، بينما تستقبل الدواوين والمجالس والزوايا التي يتواجد بها الرموز من المشايخ والقامات المجتمعية، حيث يصل المهنئون لهم لمعايدتهم.
وأوضح “الجدوي”، انه في اليوم الثاني من العيد يكون يوما لمعايدات الأقارب ممن يسكنون اماكن بعيده تحتاج للسفر اليها، واستطرد ان عبارات التهنئة في العيد تتنوع وهى قول “من العايدين “، “مبروك عيدك”، “يجعلك سالم وغانم”، “يجعلك من هاديين البال”.
واستطرد الباحث في التراث، أن عادات بدو سيناء وتقاليدهم لا تتغير في استقبال ومعايشة العيد حتى من اجبرتهم الظروف للهجرة خارج مناطقهم داخل سيناء أو إلى محافظات أخرى. حيث التمتع بالطبيعة بين الجبال، مشيرًا إلى أن هناك تقاليد شبه انقرضت في سيناء وبينها ” العيد ” وهى كلمة تعنى عند بدو سيناء الاحتفال بالعيد، حيث كان قديما من عاداتهم التجمع في مكان مناسب وتقوم السيدات والفتيات بالغناء بالأهازيج الشعبية، بينما الشباب والرجال يتسابقون على ظهور الهجن.
“المعايدة.. وزيارة الأموات”
وفي السياق ذاته، أكد سعد سليمان، أحد أبناء قبائل جنوب سيناء، إن أبناء القبائل السيناوية مازالوا يتمسكون بالكثير من العادات والتقاليد في الاحتفال بالعيد، وأبرزها معايدة من فقد أحد من مات احد من ذويه ويكون اول عيد يمر على فقده فنجد جميع اقربائه واصدقائه ومن يودونه يحضرون له ويقدمون له التهنئة ويجلسون معه حتى لا يتركوه رهينة الحزن انه يمر العيد عليه وقد فقد أعز ما عنده، مضيفًا أن البعض من بدو سيناء لا يزال يحرص على عادة زيارة الموتى يوم العيد والترحم عليهم، ولافتا جدا مشهد الزيارات في كل المقابر يوم العيد من الأسر والكبار والصغار.
وقال عتيق أبو محمد، أحد أبناء قبائل جنوب سيناء، أن ابناء بدو سيناء يختارون توقيت الايام التالية للعيد لتكون يوما لإتمام الزواج لأبنائهم. والمكان الذي تقام فيه أفراح الزواج تحول العيد فرحتين وفيه يكون المكان عامرا بالكثير من الوافدين للمشاركة في إحياء هذه المناسبة بدعوة والد العريس للضيوف على ولائم الغداء والعشاء.. مشيرًا إلى أنه رغم الطبيعة الصعبة وسط الجبال إلا ـأنهم يحيون العيد ويعيشون فرحته وهم يتنقلون بين الطرق الوعرة للوصول للكبار السن من بينهم لمعايدته في مكانه.
“احتفالات الشباب بالعيد”
احتفالات الشباب، وأضاف “أبو محمد”، أن العيد للشباب في جنوب سيناء يكون فرصة للخروج للمناطق الخالية والاحتفال به في أجواء مفتوحة بعيدا عن الزحام والتخلص من مشاغل العمل، لافتا إلى أنه نظرا لطبيعة جنوب سيناء السياحية يشاركهم العيد ضيوفهم السائحين القادمين من كل الدول، موضحًا إن بعض من شباب بدو جنوب سيناء يحتفلون بالعيد بين الجبال بسباقات هجن تقليدية تراثية خلالها يزينون إبلهم وعلى ظهورها يستعرض كلا قدرته على الجري لأطول مسافة ممكنة في مسافات طويلة.
والجدير بالذكر، أن تقديم القهوة في المجالس، تعتبر من رموز إكرام الضيوف بينما في الرحلات الخلوية يكون المجال متاحا لشرب ما تجود به الصحراء من أعشاب غنية من بينها “الحبق” و”النعناع الجبلي” وغيرها.