من بطولات حرب الاستنزاف.. “عملية الشلوفة” بقيادة النقيب مجدى كمال ناجية
أسماء صبحي
“الشلوفة” عملية جريئة، أكدت عدم استسلام المصريين لـ”المحتل”، فبعد اقتحام القوات المصرية حصون تل أبيب، فى منطقة الشلوفة، بسيناء عام 1970، وقتل وإصابة 20 إسرائيليا، وأسر 2 من بينهم، قامت إسرائيل بالرد بصورة هستيرية، من خلال ضربها مصنع الحديد والصلب فى منطقة أبو زعبل، بالمخالفة للأعراف الدولية، ما أدى إلى قتل 70 وإصابة 69 مصريا.
فى وضح النهارو فى ظهر يوم الاريعاء 12 فبراير 1970 فى تمام الساعة 12 ظهرا، عزم 26 من أفراد الفرقة 19 مشاة فى منطقة شمال الشط، لتنفيذ واحدة من اقوى العمليات الحربية فى شرق القناة داخل سيناء والتي كبدت العدو الكثير من الخسائر فى الأرواح والمعدات، وكان من أهم نتائجها أيضاً أسر جنديين إسرائيليين، علما بأن عدد الأسرى في حرب الاستنزاف هم أربع.
عملية الشلوفة
هي واحدة من عمليات حرب الاستنزاف، أول حرب تخسرها إسرائيل كما أعلن عزرا وايزمان قائد القوات الجوية آنذاك التى كشفت زيف أسطورة الجيش الذي لا يقهر، إنها ملحمة عسكرية استطاعت إصابة آلة الحرب الإسرائيلية، وقامت خلال تلك الفترة أقوى العمليات الحربية والتي أسدل ستارها بحرب أكتوبر العظيمة.
بعد حرب 1967، تحول موقف مصر من مرحلة الصمود إلى مرحلة الدفاع النشط لرفع الروح المعنوية للجيش والشعب معاً، وقام خلالها الجيش بالعديد من عمليات الاستطلاع والقتال داخل حدود العدو وتوجيه الضربات سواء بالمدفعية أو الطائرات، وكان هذا بمثابة حافز للجنود وأنهم يستطعون العبور في أي وقت.
وكانت مهمة الكمين تدمير إحدى الدوريات المعادية التي تمر على طريق الأسفلت شرق القناة الذي يبعد حوالي 2 كيلو متر داخل الحصون الإسرائيلية بسيناء.
وبالاستطلاع لوحظ نشاط العدو يومياً فى تحريك عرباته المدرعة ودباباته وقواته، وذلك بعد دفع دورية من طائرة مروحية من بور فؤاد الىغ بور توفيق ومجموعة طائرات هليكوبتر تمشط منطقة خلف الساتر، ثم دورية سطح مكونة من دبابة و 2 عربة نصف جنزير، بعدها بحوالي من 30 – 60 دقيقة تمر العربات الفردية وقوات الاحتلال.
التخطيط للعملية
من هنا بدأ التخطيط للعملية، ولوحظ أن عمل التمشيط ينتهى فى الساعة العاشرة، وتم فتح نقطة ملاحظة خاصة لخدمة الكمين، وتم انتقاء الأفراد وتدريبهم عمليًا دون معرفتهم بالمهمة حتى يوم التنفيذ، كما بدأ التخطيط لتأمين عمل الكمين ورسمت الخطة على العبور للضفة الأخرى للقناة في الساعة الثالثة بعد منتصف الليل، ثم الانتظار حتى الصباح على الساتر الترابي للقناة من جهة قواتنا أي الجهة الغربية، حتى يتم تنفيذ المهمة.
مفاجأة غير متوقعة
ولكن كانت المفاجأة، فطبقا للخطة كان عبور الضفادع البشرية أولا في حوالى الساعة الحادية عشر قبل منتصف الليل لربط الحبل بين ضفتي القناة ليتمكن الجنود من الوصول إلى الشاطىء الشرقي للقناة بالقوارب دون تجديف، وايكون عبور القناة ليلاً، ولكن أثناء التنفيذ فوجئوا بأن الحبل مفكوك بسبب شدة التيار، وكان أمامهم خياريين إما إلغاء المهمة أو تنفيذها مما يعرضهم جميعا للخطر لأن وصولهم سيكون نهاراً.
وقرر الجنود تنفيذ المهمة، وبدأ التجديف للعبور وربط الحبل مرة أخرى، وبالتالي تم تغير الميعاد المتفق عليه وكان الوصول نهاراً، وهنا تعد هذه العملية أول عبور واقتحام للقناة نهاراً.
تنفيذ المهمة
وصلت القوات الساعة 6,50 في سكون تام، واتخذت المجموعة وضعها في ناتج الحفر على الجهة الشرقية للقناة، وانتظرت انتهاء عملية التمشيط التي يقوم بها العدو، والتي تنتهي في حدود الساعة 9,30، وتحرك 16 من قوة أفراد الكمين وكان مع النقيب مجدى كمال ناجية، الملازم أول حمدى الدكر، وبقيت باقي المجموعة الساترة على الشاطىء الشرقي للقناة بقيادة الملازم محمد حسن للتأمين، وتحركوا داخل سيناء لمسافة 2 كيلو متر، وتم زرع الألغام بجانب طريق مرور دوريات العدو، وانتظروا حتى اقتربت إحدى الدوريات و تم تفجير الألغام.
واشتبك الجنود مع العدو، ثم اقتحمت قوة من الكمين إحدى العربات وتمكنت من أسر جنديين إسرائيليين، وعلمت القوات الإسرائيلية بالهجوم ودفعت بقوة احتياطية قريبة تقدر بحوالي 3 دبابة و3 عربة مدرعة ولكنها لم تتمكن من الاقتراب للكمين نتيجة القصف المكثف من نيران المدفعية التي ألحق بها من خسائر فادحة مما اضطرها إلى الانسحاب، ثم عادت كامل قوة الكمين بالأسرى.
وطبقا لما جاء في البيان العسكري الخاص بهذه العملية، إنه تم أسر جنديين و تدمير دبابة و2 عربة مدرعة وعربة لورى وخسائر في الأفراد حوالي 18 فرد مابين قتيل وجريح ولا خسائر فى القوات المصرية.
وقد أعلنت إذاعة صوت العرب خبر الهجوم على إسرائيل و ذلك في تمام الساعة 1,10 ظهراً من 12 فبراير قبل نشرة الأخبار، كما تداولته كافة الصحف المصرية، وبالفعل أصبح اقتحام القوات المصرية للعدو والاشتباك معه نهاراً فضيحة مدوية أفقدت القيادة الإسرائيلية توازنها.