دور قطر في الحفاظ على التراث الخليجي المشترك

أسماء صبحي – التراث الخليجي ليس مجرد ماضي يروى، بل هو هوية متجذرة تشكلت عبر قرون من التفاعل الحضاري بين شعوب شبه الجزيرة العربية. ويتنوع هذا التراث بين العادات والتقاليد واللغة واللهجات، إضافة إلى الموسيقى والرقصات الشعبية والصناعات اليدوية ما يجعله مرآة عاكسة للذاكرة الجماعية. وفي هذا السياق، برزت دولة قطر كأحد الفاعلين الرئيسيين في صون التراث الخليجي المشترك وتوثيقه ونقله للأجيال القادمة.
المؤسسات الثقافية
حرصت قطر على إنشاء عدد من المؤسسات الثقافية والمراكز البحثية التي تعنى بجمع وتوثيق التراث الخليجي. ويأتي مركز قطر للتراث ودارة محمد بن جاسم وكتارا للتراث كأمثلة حيّة على هذا التوجّه. كما يلعب متحف قطر الوطني دورًا جوهريًا في تسليط الضوء على التراث المادي وغير المادي المشترك بين دول الخليج. من خلال معارض تفاعلية تسرد الحكايات الشعبية، وتوثّق الحرف التقليدية، وتعرض المقتنيات البحرية والبدوية.
كما تحتضن قطر على مدار العام العديد من الفعاليات الثقافية التي تهدف إلى إحياء التراث الخليجي وإبرازه كعنصر حي في الحياة المعاصرة. ويعد مهرجان كتارا للمحامل التقليدية من أبرز هذه الفعاليات، حيث يجمع دول الخليج في عرض حي لصناعة السفن الخشبية التقليدية، والفنون البحرية، وسباقات الغوص على اللؤلؤ. كما تساهم المهرجانات الشعبية في سوق واقف في تقديم فنون كالعيالة والسامري والعرضة مما يعزز الوعي المشترك بتاريخ المنطقة وثقافتها.
الحفاظ على التراث الخليجي
لم تقتصر جهود قطر على المستوى المحلي، بل كانت أيضًا شريكًا فاعلًا في المبادرات الخليجية المشتركة للحفاظ على التراث. فقد تعاونت مع دول مجلس التعاون الخليجي في مشاريع عديدة. منها تسجيل العناصر التراثية في اليونسكو كملف مشترك، مثل “القهوة العربية” و”الصقارة” و”المجالس”، والتي تمثل جميعها مكونات أساسية في النسيج الاجتماعي الخليجي. وبهذا تعكس قطر حرصها على أن يصان التراث كهوية جماعية، وليس كخصوصية وطنية فقط.
وسعت قطر إلى دمج التراث في المناهج التعليمية لتكوين جيل جديد واعي بأهمية الحفاظ على هويته الثقافية. كما لعب الإعلام القطري، عبر قنوات مثل الريان والجزيرة الوثائقية دورًا كبيرًا في إنتاج محتوى توعوي وتثقيفي حول التراث الخليجي. مما أسهم في نقله إلى الفضاء الرقمي العالمي.