حوارات و تقارير

أدب الطفرة: كيف وثق الأدباء الكويتيون التغيرات الاجتماعية؟

أسماء صبحي 

شهدت الكويت في النصف الثاني من القرن العشرين، وخاصة بعد اكتشاف النفط وتصديره على نطاق واسع، ما يُعرف بـ”الطفرة الاقتصادية”. وهي مرحلة مفصلية أحدثت تحولات هائلة في المجتمع الكويتي على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وهذه التحولات لم تمر مرور الكرام في وجدان الكتاب والمثقفين، بل شكلت مادة خصبة للأدب الكويتي الذي لعب دورًا كبيرًا في توثيق التغيرات ومساءلتها من زوايا متعددة.

أدب الطفرة

في هذه الفترة ظهر ما يمكن تسميته بـ”أدب الطفرة”، وهو أدب يعكس التوتر بين القيم التقليدية والحداثة، بين البداوة والمدنية، بين الفقر والغنى المفاجئ، بين ملامح القرية ومظاهر المدينة المتسارعة. فالكتاب الكويتيون، شعراء وروائيين وقصاصين، عبروا عن مواقفهم من تلك المرحلة. كما سجلوا بحساسية فنية عالية تفاصيل التحولات التي عصفت بالناس والعلاقات والهوية.

في الرواية، برز عدد من الكتاب الذين اشتبكوا مع واقع التحول السريع. ومن أبرز هؤلاء إسماعيل فهد إسماعيل، الذي قدّم في رواياته صورًا متعددة للمجتمع الكويتي في ظل الطفرة مركزًا على البعد الإنساني والنفسي لهذه التغيرات. كذلك قدمت الكاتبة ليلى العثمان شخصيات نسائية تواجه واقعًا جديدًا، تختبر فيه تقاليد المجتمع أمام إغراءات الماديات والانفتاح. ومن خلال هذا الصراع، كشفت العثمان عن التناقضات الداخلية التي عاشها الأفراد، خاصة النساء، في مجتمع يتحرك بين جمود الماضي وتسارع الحاضر.

في مجال القصة القصيرة، استخدم العديد من الكتاب، مثل محمد خضير وسعد الدوسري، أساليب رمزية ومباشرة لتصوير التحولات اليومية، كالتغير في أنماط الحياة، والعلاقة بين الأجيال. وظهور الطبقة البرجوازية الجديدة التي تمزج بين مظاهر الحداثة وحنين لا يفارق للزمن التقليدي.

الشعر الكويتي

أما في الشعر، فقد حملت قصائد بعض الشعراء، مثل سعاد الصباح وفهد راشد بورميه، نغمة وجدانية ناقدة أحيانًا ومتفائلة أحيانًا أخرى، تعكس النظرة المترددة تجاه التحديث السريع. فبينما احتفى البعض بمرحلة الوفرة والنهضة العمرانية، حذر آخرون من ضياع القيم الأصلية والهوية الثقافية.

ولم يغفل أدب الطفرة التغيرات في البنية العائلية والتعليمية، وانفتاح المجتمع على العالم واختلاف ملامح المكان نفسه. حيث اختفت بيوت الطين لتحل محلها العمارات، واختفت الساحات المفتوحة لتحل محلها المراكز التجارية. كما ساهمت هذه المشاهد في خلق أدب توثيقي بامتياز، يمكن القارئ من العودة إلى تلك المرحلة وفهمها عبر العيون التي عايشتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى