الفرعون سقنن رع تاعا الثاني: بطل المقاومة وبداية نهاية احتلال الهكسوس

أسماء صبحي – في قلب حقبة مظلمة من تاريخ مصر القديمة، برز اسم الفرعون سقنن رع تاعا الثاني كأول قائد وطني أشعل شرارة المقاومة ضد الغزاة الهكسوس، الذين احتلوا شمال مصر لأكثر من قرن. وقد أصبح هذا الملك رمزًا للشجاعة والفداء، إذ لم يكتفِ بالحكم من داخل أسوار طيبة (الأقصر حاليًا). بل اختار المواجهة حتى النهاية.
بداية الصراع مع الهكسوس
في القرن السابع عشر قبل الميلاد، سيطر الهكسوس –وهم قبائل آسيوية من غرب آسيا– على الدلتا المصرية وأقاموا عاصمتهم في “أواريس” (تل الضبعة الآن). خلال ذلك الوقت، كانت مصر مقسمة إلى ممالك. وكانت طيبة في الجنوب هي المعقل الأقوى للمصريين. ومن هنا ظهر سقنن رع، ملك طيبة، الذي رفض الخضوع لحكم الهكسوس بقيادة الملك “أبوفيس”.
وتشير النصوص القديمة، خاصة ما عثر عليه في بردية “سالييه” (Sallier Papyrus I)، إلى أن أبوفيس أرسل رسالة استفزازية إلى سقنن رع يشكو فيها من صوت أفراس النهر في طيبة. مدعيًا أنها تزعجه في أواريس على ُعد مئات الكيلومترات. وهو ما اعتبره المؤرخون استفزازًا متعمدًا لإشعال الحرب.
نهاية الفرعون سقنن رع تاعا
بدأ سقنن رع في حشد جيشه وشن مقاومة مسلحة ضد الهكسوس، لكن الروايات تشير إلى أنه قُتل في ساحة المعركة أو خلال مؤامرة. ولم يعرف تفاصيل وفاته بدقة حتى تم العثور على موميائه في الدير البحري عام 1881. وهي الآن معروضة في المتحف القومي للحضارة المصرية.
وقد أظهرت الفحوص الحديثة على موميائه (من خلال الأشعة المقطعية وتحليل الجمجمة) أنه تلقى ضربات مميتة في الرأس بآلات حادة وثقيلة. مما يرجح فرضية مقتله على يد جنود الهكسوس خلال القتال. ولا يحمل جسده أي آثار لتحنيط دقيق، ما يدل على وفاته المفاجئة خلال الحرب، ثم تحنيطه بشكل عاجل.
على الرغم من أن سقنن رع لم ينجح في طرد الهكسوس بنفسه. إلا أنه مهد الطريق لابنه “كامس” وحفيده “أحمس الأول”، الذي أكمل المعركة وطرد الهكسوس نهائيًا من مصر، مؤسسًا عصر الدولة الحديثة، أقوى عصور مصر القديمة.
ويعتبر سقنن رع اليوم رمزًا للبطولة والتضحية الوطنية. وقد استخدم اسمه في الأدب والخطاب السياسي المصري الحديث للدلالة على المقاومة والثبات في وجه الغزاة.