حي الشندغة التاريخي: جوهرة دبي التراثية التي تنبض بأصالة الماضي

أسماء صبحي
في ظل ناطحات السحاب والحداثة التي تغزو أفق دبي، يظل حي الشندغة شامخاً كأحد أبرز المعالم التاريخية التي تحكي قصة نشأة الإمارة وتطورها. ويقع الحي على ضفاف خور دبي، ويعد من أقدم أحياء المدينة. كما يشكل شاهداً حياً على الحياة التقليدية للإماراتيين في بداية القرن التاسع عشر. وعلى الرغم من التحولات العمرانية التي شهدتها دبي. حافظ حي الشندغة على طابعه التراثي ليغدو اليوم وجهة ثقافية وسياحية مهمة.
تاريخ حي الشندغة
يعود تأسيس الحي إلى أواخر القرن التاسع عشر حيث اختاره الشيخ مكتوم بن حشر آل مكتوم حاكم دبي حينها كمقر لإقامته. تبعه من بعده الشيخ سعيد بن مكتوم الذي بنى فيه بيته الشهير الذي ما زال قائماً حتى اليوم كمتحف تاريخي. كما كان الحي في ذلك الوقت مركزاً للحكم والسياسة. بالإضافة إلى كونه مقراً لتجار اللؤلؤ وصيادي الأسماك، ما منحه أهمية اقتصادية واجتماعية كبرى.
ومن أبرز ما يميز حي الشندغة هو الطراز المعماري الإماراتي القديم. حيث البيوت المبنية من الطين المرجاني، والأسقف المصنوعة من سعف النخيل، والبراجيل (أبراج الرياح) التي كانت بمثابة أنظمة تبريد طبيعية. كما تعكس هذه العمارة أسلوب حياة السكان الأصليين. وتوضح كيف تأقلموا مع طبيعة البيئة القاسية في ظل غياب الوسائل الحديثة.
متحف الشندغة
اليوم، يعتبر متحف الشندغة القلب النابض للحي، إذ يعرض تاريخ دبي عبر معارض تفاعلية رقمية وسينوغرافيا معاصرة تحاكي الحياة القديمة. كما يحتوي المتحف على عدة بيوت تراثية، مثل بيت العطور. الذي يعرض أسرار صناعة العطور التقليدية الإماراتية. وبيت القهوة الذي يروي حكاية المجالس العربية وأهمية القهوة كرمز للضيافة.
ويشكل الحي جزءاً من مشروع “دبي التاريخية”، الذي أطلقته حكومة دبي بهدف إحياء التراث المعماري والثقافي وتحويل المناطق التاريخية إلى وجهات جاذبة. كما تنظم في الحي جولات سياحية يومية، وفعاليات ثقافية، وورش عمل حرفية. تستقطب الزوار والسكان على حد سواء، في مسعى للحفاظ على الهوية الوطنية في وجه العولمة.
ويقول الدكتور عبدالله النعيمي، الباحث المتخصص في التراث الإماراتي، إن حي الشندغة ليس مجرد موقع أثري، بل هو مركز سردي لهوية دبي وتاريخها. كما لا يعد الحفاظ عليه ترفاً ثقافياً. بل ضرورة وطنية للأجيال القادمة التي تحتاج لمعرفة جذورها في خضم هذا التسارع الحضاري.