تاريخ تأسيس البريد المصري.. من صاحب فكرة إنشائه؟
أميرة جادو
تعتبر مكاتب البريد من أكثر الأشياء التي يتوجه إليها جميع المواطنون، ولكن لم تكن مكاتب البريد بهذه الأهمية فقط في الزمن الحديث، فقد كان لها تاريخ طويل بدأ منذ تأسيس الهيئة القومية للبريد المصري في عام 1865 على يد الخديوي إسماعيل، ضمن جهوده لتحويل مصر إلى نموذج أوروبي.
الخديوي إسماعيل وتأسيس البريد المصري
خلال عام 1865، أدرك الخديوي إسماعيل أهمية البريد كوسيلة لتطوير الشؤون التجارية والاجتماعية. فكان له دور بارز في “تمصير” مرفق البريد، حيث قام بدمج البريد الحكومي مع البريد الإفرنجي الذي كان يملكه الأجانب. وذلك تحت اسم “البوسطة الخديوية”. وقد شكل ذلك خطوة مهمة نحو تحسين وتحديث النظام البريدي في مصر.
وفي هذا الإطار، قال الكاتب والباحث “عبد الوهاب شاكر” في كتابه “البريد فى بر مصر”: نظرا لأن الخدمات البريدية كانت من أهم وسائل تقدم الشئون التجارية والاجتماعية، فقد منحها “إسماعيل” اهتمام كبير، حيث أدرك أهمية تمصير مرفق البريد، وفى عام 1865 دمج البريد الحكومى والبريد الإفرنجى الذى كان يمتلكه الأجانب فيما عرف باسم “البوسطة الخديوية”.
ظهور طوابع البريد المصري وتوسيع الخدمات
كما أنه خلال نفس العام 1865، صدر أمر بتكليف “موتسى بك”، رئيس مصلحة البريد، بالسفر إلى أوروبا للحصول على التوصية بخصوص طبع طوابع البريد لتكون وسيلة لتخليص المراسلات. كما كان يحدث في أوروبا. وقد اعتبرت هذه الطوابع عملة نقدية وتم تحديد قيمتها بشكل رسمي، لتصبح جزءًا أساسيًا من النظام البريدي. وفي يناير من عام 1866، تم إصدار “المجموعة الأولى” من الطوابع التي تم طباعتها في مطبعة “إخوان بيلاسى” بجنوا في إيطاليا. وعندما قاربت هذه الطوابع على الانتهاء، تم تكليف مطبعة بناسون بالإسكندرية بإصدار طوابع جديدة.
وقد جاء هذا الطابع يحمل صورة الأهرام وأمامه أبو الهول وعلى اليمين مسلة كليوباترا وعلى اليسار عامود السوارى، وبأعلاه و بأسفله كتابة باللغة التركية وفى الركنين العلويين والسفليين كتابة باللغة الإيطالية، وعندما استقال موتسى من إدارة مصلحة البريد فى عام 1876 عين الخديو إسماعيل خلفا له المستر “كليار” الإنجليزى. الذى أخذ ينشئ مكاتب جديدة حتى بلغ عددها مائتى مكتب و عشرة يعمل بها ثمانمائة و ثلاثون موظفًا. و جعل توزيع المراسلات يوميًا بين القاهرة و الإسكندرية و جميع الجهات المهمة بعد أن كان أسبوعيًا.
تطوير المكاتب البريد المصري
في عام 1876، وبعد استقالة “موتسى” من إدارة مصلحة البريد، تم تعيين الإنجليزي “كليار” خلفًا له. وقام بتوسيع نطاق المكاتب البريدية حتى بلغ عددها 210 مكاتب يعمل بها 830 موظفًا. كما نظم توزيع المراسلات يوميًا بين القاهرة والإسكندرية والمناطق الأخرى المهمة. بدلاً من التوزيع الأسبوعي الذي كان معمولًا به سابقًا.
والجدير بالذكر أن “الخديوى إسماعيل” قام بشراء أسهم شركة الملاحة البحرية بالبواخر الشركة العزيزية. وذلك خلال عام 1873م، وحولها إلى مصلحة حكومية عرفت باسم “وابورات البوستة الخديوية”. وبذلك اتسع نطاق مصلحة البريد، فأصبح للبريد المصرى مجموعة من المكاتب في مختلف دول العال مثل جدة وبيروت وغيرها الكثير.