قصر الحكم في الدوحة القديمة: معلم منسي في قلب العاصمة القطرية

أسماء صبحي – بين أزقة الدوحة القديمة، وقبل ناطحات السحاب والأسواق الحديثة، كان هناك معلم تاريخي يشكل جوهر الحياة السياسية والإدارية في قطر. وهو قصر الحكم القديم الواقع في منطقة مشيرب قبل أن تتحول إلى مركز عمراني متطور. وهذا القصر، الذي لا يعرفه الكثيرون اليوم، كان مقرًا لإدارة شؤون الدولة ومكانًا لصنع القرار منذ بدايات تأسيس إمارة قطر الحديثة.
موقع قصر الحكم وأهميته
كان القصر يقع في قلب مدينة الدوحة، بالقرب من سوق واقف و”فريج مشيرب”. ويتميز بموقعه الاستراتيجي الذي سهّل تواصله مع الأهالي والأسواق والمساجد القديمة. وقد لعب دورًا محوريًا في تنظيم الحياة الإدارية والاجتماعية. حيث استخدم كمقر لإقامة الحاكم، ومركز لاجتماع كبار رجال الدولة وشيوخ القبائل.
بني القصر وفق الطراز القطري التقليدي، فضم مجالس فسيحة، وأبراج مراقبة، وممرات مفتوحة، تتيح التهوية الطبيعية. كما استخدم البناؤون آنذاك خامات البيئة المحلية مثل الطين والحجر المرجاني وجذوع النخل. ما جعل منه نموذجًا حيًا للعمارة الخليجية القديمة.
التحول والاندثار
مع تطور الدولة وتحوّل العاصمة، تم نقل مقر الحكم إلى مناطق أخرى. وأهمل القصر تدريجيًا حتى اندثر ولم يبقى منه اليوم سوى القليل من الصور والروايات الشفوية. وفي إطار مشروع “مشيرب قلب الدوحة” تم توثيق أجزاء من التاريخ المحلي. لكن القصر نفسه لم يتم إحياؤه كمعلم تراثي واضح. وهو ما يرى فيه بعض الباحثين تقصيرًا في الحفاظ على الذاكرة السياسية للعاصمة.
وقال الباحث في التراث القطري د. محمد الكبيسي، إن قصر الحكم في مشيرب يمثل رمزًا لبدايات تشكّل الدولة القطرية الحديثة. كما كان ينبغي الحفاظ على موقعه وتاريخه ضمن مشروع التوثيق العمراني للدوحة القديمة.
والقصر في الدوحة ليس مجرد مبنى طمست معالمه. بل هو شاهد على مرحلة تأسيسية مهمة في التاريخ القطري. كما أن توثيقه وإعادة إحياء ذاكرته لا يخدم فقط الباحثين والمؤرخين. بل يعزز من هوية العاصمة كمدينة ذات جذور عميقة. والحفاظ على مثل هذه المواقع المنسية هو التزام وطني وثقافي لا بد من تفعيله.