مغاير شعيب: كنز تاريخي في تبوك يكشف أسرار الحضارات القديمة

أسماء صبحي
تعد مغاير شعيب من أبرز المعالم التاريخية في منطقة تبوك. حيث تجسد ملامح الحضارات القديمة التي استوطنت شمال غرب الجزيرة العربية. وتقع هذه المنطقة في محافظة البدع، على بعد حوالي 225 كيلومترًا من مدينة تبوك، وتشتهر بمقابرها المنحوتة في الصخور والتي تعود إلى العصر النبطي. كما يعكس هذا الموقع التراثي مدى تطور الفنون المعمارية والدينية في تلك الحقبة، مما يجعله وجهة مهمة للباحثين والسياح المهتمين بالتاريخ.
موقع مغاير شعيب
يقع الموقع في منطقة ذات طبيعة خلابة بين الجبال والصخور الرملية. مما وفر بيئة مثالية لنحت المقابر وتشييد المنشآت المعمارية القديمة. كما تعتبر المنطقة واحدة من المواقع التي شهدت ازدهارًا حضاريًا نظرًا لموقعها الاستراتيجي. حيث كانت محطة رئيسية على طرق القوافل التجارية التي تربط بين الجزيرة العربية ومناطق الشام.
ويضم الموقع مجموعة من المقابر المنحوتة بدقة عالية في الصخور الرملية. والتي تشابه إلى حد كبير مقابر البتراء في الأردن. كما تتميز هذه المقابر بزخارفها الفريدة وأعمدتها المزخرفة، ما يعكس التأثيرات الفنية للحضارة النبطية.
ويعتقد أن هذه المقابر كانت مخصصة لدفن الشخصيات البارزة في المجتمع النبطي..إذ تحتوي على غرف داخلية منحوتة بعناية، مع وجود رموز ونقوش تشير إلى هوية أصحابها. ويؤكد المؤرخون أن هذه التصاميم المعمارية تدل على مكانة اقتصادية واجتماعية مرموقة لمن دفنوا فيها.
بقايا المدينة الإسلامية القديمة
بالإضافة إلى المقابر، تحتوي المنطقة على بقايا مدينة قديمة تعرف باسم “الملقطة”، والتي تعود إلى الفترات الإسلامية المبكرة. كما تكشف الحفريات الأثرية عن وجود بقايا لمنازل، ومساجد، وأدوات فخارية. مما يشير إلى أن المنطقة شهدت نشاطًا اقتصاديًا وثقافيًا هامًا خلال العصور الإسلامية الأولى.
ويقول الباحث في التاريخ والآثار، الأستاذ مطلق البلوي، إن مغاير شعيب تعد مثالًا حيًا على التفاعل الثقافي بين الحضارات القديمة في شمال غرب الجزيرة العربية. حيث تجمع بين التأثيرات النبطية والرومانية والإسلامية. وما زالت هناك العديد من الأسرار التي تحتاج إلى المزيد من البحث والتنقيب للكشف عن تفاصيل تاريخها الغني.
وتعمل الجهات المختصة في المملكة العربية السعودية على حماية هذا الموقع الأثري من العوامل البيئية والتخريب البشري. وقد بدأت برامج للحفاظ على النقوش والزخارف. إضافةً إلى مشاريع تهدف إلى تطوير السياحة الأثرية في المنطقة، مع توفير مرافق مناسبة للزوار.