وطنيات

عبد المنعم قناوي: صقر السويس الذي أنقذ الجيش المصري من كارثة

أسماء صبحي – لم تكن بطولات مدينة السويس مقتصرة على المقاومة الشعبية فقط. بل أنجبت شخصيات فدائية تركت بصمة عميقة في تاريخ مصر العسكري. ومن أبرز هذه الشخصيات عبد المنعم السيد قناوي الذي يعرف بلقب “صقر السويس”. والذي لعب دورًا بارزًا في حرب الاستنزاف وأحداث حرب أكتوبر 1973.

قناوي لم يكن ضابطًا، ولم يتخرج في الكليات العسكرية، لكنه كان فدائيًا بالفطرة. حيث تدرب على القتال، وخاطر بحياته مرارًا، ليصبح أحد أبطال منظمة سيناء العربية التي دكت مواقع الاحتلال الإسرائيلي في سيناء.

نشأة عبد المنعم قناوي 

ولد قناوي في حي الأربعين بمدينة السويس عام 1945، لأسرة بسيطة تنحدر من صعيد مصر. وبرزت عليه علامات الشجاعة منذ طفولته، وكان شغوفًا بالرياضة وحقق بطولات محلية في الدراجات والرماية.

وبعد نكسة يونيو 1967، انضم للمتطوعين من أبناء السويس في المقاومة الشعبية. ثم التحق بمنظمة سيناء العربية، والتي شكلت الذراع الفدائية غير النظامية للقوات المسلحة المصرية في حربها مع الاحتلال.

وتلقى قناوي تدريبات مكثفة على أيدي ضباط الجيش في كيفية التخفي. واستخدام السلاح، وزراعة الألغام، والتصوير الجوي. كما شارك في عشرات العمليات خلف خطوط العدو، وتمكن من رفع العلم المصري على إحدى قمم سيناء عام 1969، كأول رمز للسيادة بعد الاحتلال. وكان من بين العمليات التي شارك فيها، تدمير دوريات إسرائيلية وزرع ألغام في ممرات الإمداد بمنطقة رأس مسلة.

دور حاسم في حرب أكتوبر 1973

في حرب أكتوبر، لم يكن دور قناوي أقل أهمية، بل شكل منعطفًا مصيريًا في مسار المعركة. فبعد حدوث ثغرة الدفرسوار طلبت القيادة المصرية معلومات دقيقة حول التحركات الإسرائيلية. فكلف قناوي بمهمة استطلاع سرية في جبل عتاقة.

وباستخدام كاميرا صغيرة وجهاز إرسال لاسلكي، تمكن من تصوير موقع إسرائيلي يضم وحدة مراقبة تحدد إحداثيات مقر قيادة الجيش الثالث الميداني. وبعد تسليم الصور، أمر اللواء عبد المنعم واصل بنقل مقر القيادة على الفور. وبعد ساعات، تعرض الموقع السابق لهجوم عنيف مما أثبت صحة معلومات قناوي وساهم في إنقاذ حياة العشرات من الضباط والجنود.

رغم بطولاته، عاش قناوي حياة بسيطة بعد الحرب، وعمل سائق ميكروباص ينقل طلاب المدارس في السويس. كما كان يفضل الصمت وعدم التباهي بما قدمه، لكنه لم يتردد يومًا في تربية الأجيال الجديدة على حب الوطن والتضحية. وكثيرًا ما جلس الطلاب بجواره يسمعون منه قصص البطولة، وكأنها دروس حقيقية في الوطنية والانتماء.

التكريم الرسمي

وفي عام 2017، كرمه الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمر الشباب في محافظة الإسماعيلية. تقديرًا لدوره البطولي، واعترافًا بمكانته في الذاكرة الوطنية. وفي هذا اللقاء، ظهر قناوي مرتديًا زيه المدني البسيط، وابتسامته الهادئة التي تخفي وراءها شجاعة أسطورية.

ويقول المؤرخ السويسي فاروق متولي، إن عبد المنعم قناوي ليس مجرد بطل فدائي، بل هو نموذج للمواطن المصري الذي لم ينتظر التعليمات ليحمي بلده. كما يجب أن تسجل بطولاته في عتاقة والبحيرات المرة في كتب التاريخ لأنها أنقذت الجيش المصري من خسائر فادحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى