بئر الحجاج في السويس: ذاكرة طريق الحجيج المنسية وسط الرمال

أسماء صبحي – في قلب صحراء عجرود بمحافظة السويس، وعلى بعد حوالي 20 كيلومترًا من مدينة السويس الحديثة. يرقد أحد المعالم التاريخية المنسية وهو بئر الحجاج. وهذا الموقع الذي يختزل في أعماقه قرونًا من الذكريات، كان شاهدًا على عبور آلاف الحجيج القادمين من بلاد المغرب العربي ومصر العليا في طريقهم إلى الحجاز عبر ميناء السويس القديم.
بئر الحجاج
يرتبط البئر ارتباطًا وثيقًا بمسارات الحج القديمة إذ كان يستخدم كمصدر رئيسي للمياه في منطقة صحراوية شحيحة. وكان الحجاج يتوقفون عنده للراحة والتزود بالماء قبل مواصلة الرحلة عبر البحر الأحمر إلى مكة. كما كان هذا الطريق يعرف تاريخيًا بطريق “القلزم”، حيث كانت مدينة القلزم (الاسم القديم للسويس) بوابة العبور البحري نحو الحجاز.
بالقرب من البئر، لا تزال آثار قلعة قنصوة الغوري قائمة رغم أنها دمرت أثناء دخول العثمانيين إلى مصر. وكانت هذه القلعة مركزًا عسكريًا واستراتيجيًا لحماية الحجاج والتجار. كما يشير المؤرخون إلى أن وجود البئر يعد دليلاً ماديًا على الحياة التي كانت تنبض في المنطقة في القرون الوسطى.
روايات تاريخية
يقول الباحث في التاريخ المحلي بالسويس، فاروق متولي، إن بئر الحجاج ليس مجرد مصدر للماء، بل شاهد على حقبة زمنية عظيمة. كما يجب أن يوثق بشكل أوسع في المناهج والمراجع المصرية.
كما أكد الدكتور علي محمد علي السويسي، المؤرخ الراحل المتخصص في تاريخ السويس، في أحد مؤلفاته، أن البئر يعد دليلاً على النشاط الحضري والعسكري والديني في المنطقة. وهو أحد أقدم الشواهد المعمارية في المحافظة.
ورغم القيمة التاريخية للبئر، فإن المكان يعاني من الإهمال ويفتقر إلى التوثيق أو الحماية. ويؤكد مصدر مسؤول في مديرية آثار السويس أن هناك خططًا مبدئية لتطوير المنطقة ضمن مشروع أكبر لإحياء مواقع طريق الحج التاريخي، لكن لم تنفذ بعد.
ويبقى البئر أحد الكنوز الأثرية المنسية في السويس التي تستحق اهتمامًا حكوميًا وثقافيًا أكبر. فهو لا يمثل فقط موردًا مائيًا تاريخيًا بل أيضًا شاهدًا حيًا على التفاعل الحضاري والديني الذي مرت به هذه المنطقة عبر العصور.