قصر الباشا: شاهد على التاريخ العريق في غزة

أسماء صبحي
تعد غزة واحدة من أقدم المدن في العالم، حيث تمتزج فيها الحضارات المتعاقبة منذ آلاف السنين. مما جعلها غنية بالمعالم الأثرية التي تحكي قصص الماضي. ومن أبرز هذه المعالم قصر الباشا وهو صرح تاريخي يعود إلى العصور الإسلامية. ويعد من أهم المواقع الأثرية في قطاع غزة. يعكس القصر في تصميمه فن العمارة الإسلامية. كما يقف شاهدًا على الفترات التاريخية التي مرت بها المدينة.
تاريخ قصر الباشا
يعود بناء قصر الباشا إلى العصر المملوكي في القرن الثالث عشر. عندما أمر السلطان الظاهر بيبرس بتشييده ليكون مقرًا للحكام الذين كانوا يتولون إدارة شؤون غزة. وقد استُخدم القصر لاحقًا خلال الفترة العثمانية. حيث كان مقرًا للولاة الذين حكموا المدينة. كما أنه شهد مراحل متعددة من الترميم والتغيير، ما جعله يحمل بصمات معمارية مختلفة عبر العصور.
يتكون القصر من طابقين، حيث يضم الطابق الأول عدة قاعات واسعة مزينة بأقواس حجرية ونوافذ مشربية. في حين يحتوي الطابق العلوي على غرف صغيرة وشرفات تُطل على المدينة. كما يتميز بأسواره المتينة وأبراجه الدفاعية، مما يشير إلى استخدامه في بعض الفترات كحصن لحماية الحاكم.
أبرز ملامح القصر المعمارية
- الجدران الحجرية السميكة: التي تعكس قوة البناء وقدرته على مواجهة العوامل الطبيعية.
- الزخارف الإسلامية والمملوكية: التي تزين الأبواب والنوافذ، ما يبرز روعة الفن الإسلامي.
- الفناء الواسع: الذي كان يستخدم للاجتماعات والاستقبالات الرسمية.
- الأعمدة الضخمة والأقواس المنحنية: التي تعطي القصر مظهرًا فخمًا يعكس الطابع المملوكي.
ظل القصر مركزًا للحكم والإدارة خلال الفترات المملوكية والعثمانية. وبعد الاحتلال البريطاني لفلسطين في أوائل القرن العشرين، استخدم كمقر عسكري. ثم تحول لاحقًا إلى مدرسة خلال فترة الانتداب البريطاني. ومع مرور الزمن، تراجعت أهميته الوظيفية، لكنه بقي معلمًا أثريًا يروي جزءًا مهمًا من تاريخ غزة.
ويقول الدكتور جمال أبو ريدة، الباحث في الآثار والتراث الفلسطيني، إن قصر الباشا ليس مجرد مبنى أثري. بل هو سجلٌ يوثق العصور التي مرت بها غزة، بدءًا من الحكم المملوكي وحتى الفترات العثمانية والبريطانية. كما إن الحفاظ عليه واجبٌ ثقافي، لأنه يمثل جزءًا من الهوية الفلسطينية.