قلعة البحرين: شاهد على حضارة دلمون العريقة
أسماء صبحي
تعتبر قلعة البحرين المعروفة أيضًا بـ”قلعة البرتغال” من أبرز المعالم التاريخية والأثرية في مملكة البحرين. وتقع القلعة على الساحل الشمالي للجزيرة، وتعد موقعًا أثريًا مهمًا يعكس تعاقب الحضارات على أرض البحرين منذ أكثر من 4000 عام.
تاريخ قلعة البحرين
تقع القلعة على بعد 6 كيلومترات غرب العاصمة المنامة، وتحتل موقعًا استراتيجيًا على الساحل الشمالي للجزيرة. ويعود تاريخ الموقع إلى حوالي 2300 قبل الميلاد، حيث كان مركزًا حضريًا لحضارة دلمون التي اشتهرت كمركز تجاري يربط بين حضارات وادي الرافدين ووادي السند. كما تعاقبت على الموقع حضارات متعددة بما في ذلك الكاشيون، الإغريق، البرتغاليون، والفرس، مما يجعله شاهدًا حيًا على تاريخ البحرين الغني والمتنوع.
ويعتبر الموقع تلاً أثريًا (تل صناعي) ناتجًا عن تراكم طبقات من الاستيطان البشري على مر العصور بارتفاع يصل إلى 12 مترًا. كما كشفت الحفريات الأثرية التي بدأت في عام 1954 عن وجود سبع طبقات استيطانية متعاقبة تضم بقايا مستوطنات سكنية، تجارية، عسكرية، ودينية. وفي عام 2005، أدرجت القلعة ومحيطها كموقع للتراث العالمي لليونسكو، تقديرًا لأهميتها التاريخية والثقافية.
العمارة والتصميم
تتميز القلعة بتصميم معماري يعكس الطرز الدفاعية التقليدية مع جدران سميكة وأبراج مراقبة. ويعتقد أن البرتغاليين قاموا بإعادة بناء القلعة في القرن السادس عشر لتعزيز سيطرتهم على الطرق التجارية في الخليج العربي. كما تحتوي القلعة على ممرات سرية، غرف تخزين، ومساحات كانت تستخدم لأغراض عسكرية وإدارية.
أسفرت الحفريات الأثرية عن اكتشاف العديد من القطع الأثرية بما في ذلك الأواني الفخارية، الأدوات المعدنية، الأختام، والتماثيل الصغيرة. وتعرض بعض هذه المكتشفات في متحف موقع القلعة الذي يهدف إلى تقديم رؤية شاملة لتاريخ الموقع والحضارات التي تعاقبت عليه.
الزيارة والسياحة
تعد القلعة مقصدًا سياحيًا مهمًا للمهتمين بالتاريخ والآثار. ويستقبل الموقع الزوار يوميًا حيث يمكنهم التجول في أرجاء القلعة والاستمتاع بمشاهدة المناظر البانورامية للخليج. كما يوفر متحف موقع القلعة تجربة تعليمية تفاعلية مع معروضات توضح تاريخ الموقع وأهميته.
ويقول الدكتور محمد الكبيسي، أستاذ التاريخ القديم بجامعة البحرين، إن قلعة البحرين تعتبر موقعًا فريدًا يجسد تواصل الحضارات في المنطقة. كما تكشف الحفريات المستمرة عن طبقات تاريخية تعكس التفاعل الثقافي والتجاري بين الشعوب على مر العصور.
