أندر المخطوطات في العالم.. قصة “مزامير داود” بالمتحف القبطي في القاهرة
أميرة جادو
تسابيح ربانية، وترانيم تمجد عظمة الخالق وقدرته على الصفح والتسامح، نسبها مؤرخو الأديان إلى نبي الله داود وارتبطت باسمه على مدى أجيال، رغم أن بعض المؤرخين يدعون أنها تعود إلى شعراء العصور القديمة من الفراعنة، وأنها كانت تقرأ وترتل في معابدهم، وتعتبر “مزامير داود”، مجموعة من التسابيح التي كان يشدوا بها نبي الله داود، بصوت رائع لم يخلق مثله، حتى أن رب العزة أمر الجبال والطير أن تسبح خلف تسبيحه.
فقال تعالي في سورة سبأ، الآية رقم 10 ” وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ”.. وهو ما فسره بقوله تعالي في سورة الأنبياء الآية 79 ” وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ”.
اكتشاف مزامير داود
أما عن معنى المزمور فهي كانت، توصف صوت الأصابع التي تضرب على آلة وترية، ثم أصبحت تعني صوت “القيثارة” فيما بعد، حتى توقفت أخيرًا على أنها توصف ترنيمة لحن القيثارة، وتم العثور على النسخة الأولى من المزمور كاملة لنبي الله داود، في عام 1984 في قرية “المضل” جنوب بني سويف، وتحديدًا في مقبرة ترجع إلى العصر المسيحي الأول في القرن الرابع الميلادي، والتي وضعت تحت رأس مومياء لطفلة لا يزيد عمرها عن اثنى عشر عامًا، كما كان يفعل المصريون القدماء في زمن الفراعنة القدماء، حيث كانوا يوضعون كتاب الموتى تحت رؤوس المومياوات، وهذا يدل على أن الثقافة القديمة للفراعنة كانت لا تزال سائدة قبل تلك الحقبة.
هذا الاكتشاف، الذي وصفته وسائل الإعلام العالمية بأنه أعظم اكتشاف في القرن العشرين. جعله يعادله بعظمة اكتشاف مقبرة توت. والتي وصفتها هيئة الآثار المصرية في ذلك الوقت بأنها أهم اكتشاف قبطي في النصف الثاني من القرن العشرين.. حتى أن “فليب حليم فلتس” مدير عام المتحف القبطي يقول عنه أنه أهم كنوز المتحف القبطي.
مكونات المخطوطات
ومن جهته، أوضح إبراهيم على جاد المدير العام السابق لمناطق أثار بنى سويف الإسلامية والقبطية. المخطوط من ورق الرق، والطبقة الداخلية من جلد الحيوان وهو أسلوب قديم في الكتابة قبل معرفة الورق. وهو مكون من 64 ملزمة. كل ملزمة 8 صفحات. وعلي كل صفحه حزوز لتحديد عدد الأسطر والصفحات والملازم مرقمة.
وأضاف “إبراهيم”، أن لكل مزمور علامة مميزة أو رسمة خاصة به تسمي المخصص وعادة يكون علي شكل طائر أو نبات أو شكل زخرفي، كما أن الكتاب كان مجلدا بغلاف من الخشب المبطن بالجلد المزخرف بزخارف نباتية وهندسية وكعب الكتاب عليه بروزات دائرية وآثار خيوط التكعيب. أما خيوط التجليد فهي من الكتان المبروم. وكل ملزمة بها خيط واحد داخلي للتثبيت. وتم تجميع باقي الملازم في كتاب واحد.
والجدير بالذكر، انتهى المطاف بـ”مزامير داود”، لتستقر داخل القاعة 17 بالمتحف القبطي. بمصر القديمة داخل حدود حصن بابليون، وتعد أهم المخطوطات الأثرية داخل المتحف. ورغم أن المتحف يضم عددا من المخطوطات الأخرى لمزامير داود، إلا أن تلك النسخة التي وجدت تحت رأس الطفلة. لتستقر في فاترينة خاصة مميزة، لأنها النسخة الأقدم من جانب، ولأنها المخطوطة الوحيدة الكاملة.