الشيخة مريم بنت صالح: رمز القيادة والحكمة في قبيلة بني هاجر
أسماء صبحي
في قلب الصحراء العربية وضمن التقاليد العريقة لقبائل الخليج، كانت هناك شخصية نسائية بارزة خالدة في ذاكرة تاريخ قبيلة بني هاجر في دولة قطر. هي الشيخة مريم بنت صالح، التي مثلت نموذجاً رائعاً للمرأة القبلية القوية والمثقفة في نفس الوقت.
لطالما كانت مريم رمزاً للحكمة والقيادة في مجتمع تسوده الأعراف القبلية التي غالباً ما تكون محكومة بالقيم الاجتماعية التقليدية التي تميز الرجل.
نشأة الشيخة مريم بنت صالح
ولدت الشيخة مريم بنت صالح في إحدى أعرق عائلات قبيلة بني هاجر التي اشتهرت بتاريخها الحافل بالكرم والشجاعة. ونشأت في بيئة قبلية حيث كانت قيم الشجاعة والمروءة هي المعيار الذي يقاس به الإنسان. وورثت عن والدها، الذي كان من كبار القادة في القبيلة، قدرات قيادية وحكماً عميقاً جعلها واحدة من أهم الشخصيات النسائية في تاريخ هذه القبيلة.
على الرغم من أن دور المرأة في المجتمع القبلي كان محدوداً في العديد من الأحيان، إلا أن الشيخة مريم استطاعت كسر هذه القيود وأثبتت قدرتها على القيادة والتأثير. كانت لها مشاركة فعالة في حل المنازعات داخل القبيلة، حيث كانت تستدعى من قبل شيوخ القبيلة لحل القضايا الهامة والنزاعات التي قد تنشأ بين العائلات. ولقد اشتهرت بقدرتها على تقديم المشورة الحكيمة، وسمعتها الطيبة جعلتها تتمتع بثقة الجميع.
تعد الشيخة مريم إحدى الشخصيات النسائية التي ساهمت في تعزيز دور المرأة داخل مجتمعها القبلي، إذ تمكنت من تمثيل النساء القبليات والدفاع عن حقوقهن، سواء على مستوى التعليم أو العمل أو المشاركة في المناسبات الاجتماعية. كانت ترى أن المرأة يمكنها أن تكون عنصراً فاعلاً في كل جوانب الحياة القبلية، من الشؤون العائلية إلى القرارات الكبرى.
مساهمتها في الحفاظ على التراث
عرفت الشيخة مريم أيضاً باهتمامها الكبير بالحفاظ على التراث الثقافي للقبيلة. حيث عملت على جمع القصص الشعبية والأمثال التي كانت تتناقلها الأجيال، وسعت إلى تعليم الصغار من بنات وأبناء القبيلة تاريخهم العريق. وفي إطار سعيها للمحافظة على عادات وتقاليد القبيلة، نظمت العديد من الفعاليات والندوات لتشجيع النساء على تعلم الحرف التقليدية، مثل التطريز والنسج، التي كانت جزءاً من الهوية القبلية.
وكانت الشيخة مريم من الداعمين الرئيسيين لفكرة تعليم البنات، رغم مقاومة البعض في البداية. حيث كانت تؤمن أن العلم هو السبيل لتحرير المرأة وتمكينها من المشاركة الفاعلة في تنمية المجتمع. وقد ساعدت في تأسيس مدارس صغيرة لتعليم الفتيات في القبيلة، حيث كانت تُدرس العلوم الأساسية مثل القراءة والكتابة، بالإضافة إلى التعليم الديني، الذي كان يشمل تحفيظ القرآن الكريم.