السيدة نفيسة.. عالمة ألهمت الأئمة وصنعت مجداً خالداً
السيدة نفيسة، في عصور الجاهلية، كانت المرأة تعيش في ظلال الإهمال والتبعية، بلا رأي ولا دور في المجتمع. ومع بزوغ فجر الإسلام، تغيرت مكانتها جذرياً. حيث فتحت لها أبواب العلم والعمل في مجالات متنوعة كالطب والشعر والفقه. فأثبتت المرأة جدارتها واستحقاقها. وقد وثقت كتب التاريخ والسير أسماء نساء عظيمات صنعن بصمات لا تنسى. لكن أسماءهن تراجعت في الذاكرة الجماعية، حتى كادت تطمس معالم إنجازاتهن.
من هي السيدة نفيسة
وفي هذا السياق قالت الكاتبة الكويتية الدكتورة أريج السنان، أن واحدة من أبرز هذه الشخصيات التي خلدها التاريخ هي السيدة نفيسة، المعروفة بـ”نفيسة العلم”، حفيدة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه. ولدت في مكة المكرمة، وانتقلت وهي طفلة إلى المدينة المنورة حيث نشأت في أجواء العلم والتقوى. اعتادت زيارة المسجد النبوي لتلقي العلم والحديث من كبار شيوخه، ما أكسبها تقديرًا كبيرًا بين العلماء وأهل المدينة.
عندما انتقلت السيدة نفيسة إلى مصر، استقبلها أهل البلاد بحفاوة بالغة. وتهافتوا عليها طلبًا للعلم والنصيحة، ما دفعها للشكوى من انشغالها عن عباداتها. وحرصًا على بقائها، تدخل والي مصر ليهديها دارًا واسعة وخصص لها يومين أسبوعيًا لاستقبال طلاب العلم، مما أتاح لها التفرغ للعبادة بقية الأسبوع.
علاقتها بالإمام الشافعي
تميزت علاقة السيدة نفيسة بالإمام الشافعي، حيث كان يزورها في طريقه إلى حلقات درسه وفي طريق عودته، واستفاد من علمها وتوجيهاتها بشكل كبير. ويقال إن مجلس الإمام الشافعي في دار السيدة نفيسة كان مجلس تعلم، بينما كان مجلسه في المسجد مجلس تعليم للناس. كما أخذ عنها الإمام أحمد بن حنبل، ما يجعل أثرها العلمي ممتدًا ليشمل اثنين من أعظم أئمة الإسلام، الشافعي وأحمد بن حنبل.
السيدة نفيسة ليست مجرد رمز للتقوى والزهد، بل هي نموذج مشرق للمرأة العالمة التي أثرت في مسيرة العلم والدين. قصتها تلهم الأجيال بأهمية السعي للعلم والعمل الصالح، لتظل سيرتها مضيئة في صفحات التاريخ الإسلامي ومصدر فخر للمسلمين.