السلطان سليم الأول: مؤسس القوة العثمانية في العالم الإسلامي
أسماء صبحي
يعتبر السلطان سليم الأول، واحدًا من أبرز الحكام في تاريخ الدولة العثمانية. وقد أسهم بشكل كبير في توسع الإمبراطورية العثمانية ليجعلها قوة عظمى في العالم الإسلامي. ولد سليم في مدينة أدرنة وكان ثالث السلاطين العثمانيين. ولكنه حاز شهرة واسعة بسبب حملاته العسكرية الفائقة التي غيرت معالم المنطقة بأكملها.
حكم السلطان سليم الأول
تولى سليم الأول العرش عام 1512 بعد انتزاعه الحكم من والده بايزيد الثاني. وعرف بقدراته العسكرية الفائقة وطموحاته التوسعية. وكان أبرز انتصار له هو معركة مرج دابق في 1516 ضد المماليك، مما مهد الطريق للعثمانيين للاستيلاء على مصر وأراضٍ واسعة في العالم العربي. وبعد انتصاره، أصبح سليم الأول خليفة للمسلمين وحاكمًا للقدس ومكة، مما زاد من مكانة الدولة العثمانية في العالم الإسلامي.
كما كان له دور بارز في تعزيز سيادة الإمبراطورية العثمانية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأيضًا في الحفاظ على وحدة العالم الإسلامي. وكان له تأثير بالغ على السياسة الدينية في الإمبراطورية العثمانية. حيث دعم المذهب الحنفي وأدى إلى تعزيز مكانة العلماء والدعاة في الدولة.
ويقول الدكتور علي بن عبد الله، أستاذ التاريخ الإسلامي في جامعة إسطنبول، إن سليم الأول ليس فقط أحد أعظم القادة العسكريين في تاريخ العثمانيين. بل هو مؤسس المرحلة الذهبية التي شهدت توسعًا هائلًا في الإمبراطورية.
إصلاحاته في الإدارة والجيش
على الرغم من تركيزه على التوسع العسكري، لم يقتصر دور سليم الأول على الحروب فقط، بل شمل أيضًا العديد من الإصلاحات في إدارة الدولة العثمانية. فقد عمل على تعزيز سلطة السلطان وتقوية الإدارة المركزية، بالإضافة إلى تحسين النظام العسكري العثماني. كما كان من الداعمين للجيش العثماني ورفع جاهزيته القتالية، مما ساهم في نجاحاته الميدانية. وقام بتنظيم نظام الضرائب في الأراضي التي استولى عليها، مما جعل خزينة الدولة أكثر استقرارًا.
ورغم انشغاله بالتوسع في الشرق الأوسط، لم يغفل سليم الأول عن التحديات التي كانت تواجه الدولة العثمانية من القوى الغربية. فقد شهدت فترة حكمه صراعًا مستمرًا مع الإمبراطورية الصفوية في الشرق والدول الأوروبية في الغرب.
ومن خلال سلسلة من الحروب ضد الدولة الصفوية، تمكن سليم الأول من تأمين الحدود الشرقية للإمبراطورية العثمانية. كما شهدت علاقات الدولة العثمانية مع القوى الأوروبية تقلبات. حيث تحالفت بعض الدول مع العثمانيين ضد الصفويين، مما أتاح للعثمانيين تقوية موقفهم على الساحة الدولية.
تطور الخلافة الإسلامية
أحد الجوانب البارزة في حكم سليم الأول هو تعزيز مؤسسة الخلافة الإسلامية. فبعد سيطرته على مصر في عام 1517، أصبح السلطان سليم الأول أول خليفة عثماني للعالم الإسلامي.
وكان لهذا الدور تأثير كبير على مكانة الإمبراطورية العثمانية في العالم الإسلامي، حيث جعلها مركزًا روحيًا ودينيًا بالإضافة إلى كونها قوة عسكرية. وتحولت الخلافة العثمانية إلى رمز للقيادة الإسلامية. كما أصبح السلطان سليم الأول بذلك رمزًا لوحدة العالم الإسلامي تحت راية العثمانيين.