الملكة زنوبيا: ملكة تدمر وبطلة الشرق القديم
أسماء صبحي
الملكة زنوبيا، ملكة تدمر الشهيرة، تعد واحدة من أكثر الشخصيات النسائية تأثيرًا في التاريخ القديم. وعرفت بشجاعتها وذكائها وحكمتها السياسية، حيث نجحت في بناء إمبراطورية قوية في قلب الصحراء السورية خلال القرن الثالث الميلادي، متحدية القوى العظمى في ذلك الوقت، مثل الإمبراطورية الرومانية.
نشأة الملكة زنوبيا وصعودها إلى الحكم
ولدت زنوبيا حوالي عام 240 ميلاديًا في تدمر، وهي مدينة تجارية مزدهرة تقع في منطقة البادية السورية. كانت من أصول نبيلة، وتزوجت من الملك أذينة، الذي كان حاكمًا لتدمر وزعيمًا مهمًا في المنطقة. بعد اغتيال زوجها، تولت زنوبيا الحكم كوصية على ابنها الصغير وهب اللات، وأصبحت الحاكمة الفعلية للمملكة.
وتحت حكم زنوبيا، توسعت مملكة تدمر لتصبح إمبراطورية قوية تمتد من مصر جنوبًا إلى آسيا الصغرى شمالًا، حيث تمكنت من تحدي السيطرة الرومانية على الشرق. وكانت زنوبيا قائدة طموحة ومحنكة، حيث قادت جيوشها بنفسها في حملات عسكرية ناجحة، وحققت انتصارات مذهلة، خاصة في مصر التي ضمتها إلى إمبراطوريتها.
الصمود أمام الإمبراطورية الرومانية
تمكنت زنوبيا من الصمود في وجه الإمبراطورية الرومانية لفترة طويلة، لكن تحديها للرومان جعلها في مواجهة مباشرة مع الإمبراطور الروماني أوريليان. فقاد أوريليان حملة عسكرية كبيرة لاستعادة السيطرة على المناطق التي ضمتها زنوبيا. ورغم مقاومة تدمر القوية، استطاع الرومان في النهاية هزيمة زنوبيا وأسرها عام 272 ميلاديًا.
بعد أسرها، نقلت زنوبيا إلى روما حيث يقال إنها عاشت هناك بقية حياتها، إما في إقامة مريحة أو في سجن، وفقًا للروايات المختلفة. ورغم سقوطها، فإن زنوبيا تركت إرثًا خالدًا كواحدة من أعظم النساء اللواتي حكمن في العصور القديمة.
خلدت زنوبيا في الذاكرة التاريخية كرمز للشجاعة والقوة والحكمة. وتعد قصتها مصدر إلهام للعديد من النساء والقادة عبر العصور، حيث برهنت على أن المرأة تستطيع أن تتولى أعلى المناصب وتحقق إنجازات كبيرة حتى في أصعب الظروف.