موانا ماكا: قائدة نسائية ملهمة في قبيلة الهيمبا وداعمة لتمكين المرأة
أسماء صبحي
موانا ماكا، هي واحدة من الشخصيات النسائية البارزة في قبيلة “الهيمبا” التي تعيش في مناطق شمال ناميبيا، وتعتبر الهيمبا واحدة من القبائل الأفريقية التي احتفظت بأسلوب حياتها التقليدي رغم تأثيرات العالم الخارجي.
ولدت موانا ماكا في قلب مجتمع الهيمبا، واكتسبت شهرة بسبب دورها القيادي في تعزيز الثقافة التقليدية للقبيلة والدفاع عن حقوق النساء في مجتمع يهيمن عليه الرجال.
تعتبر الهيمبا جزءاً من شعوب “الهيريرو” وتميزت بفصل نفسها والحفاظ على تقاليدها المميزة على مدى قرون، وعاش أفراد القبيلة في بيئة صحراوية قاسية، حيث اعتمدوا على تربية الماشية كمصدر رئيسي للعيش.
وفي هذه البيئة، كانت المرأة تُعتبر الدعامة الأساسية للأسرة والمجتمع، مع تحملها مسؤوليات مثل رعاية الأطفال وإدارة الموارد المنزلية.
رحلة موانا ماكا نحو القيادة
نشأت موانا ماكا في عائلة كبيرة ضمن القبيلة، حيث تعلمت من والدتها وجدتها أساليب الحياة التقليدية مثل تجهيز الطعام، والاعتناء بالماشية، وفن إعداد المراهم الحمراء المصنوعة من دهن الحيوانات ومسحوق أكسيد الحديد، التي تشتهر بها نساء الهيمبا، ومع مرور الوقت، ظهرت مواهبها القيادية واهتمامها بتحسين أوضاع المرأة، وهو أمر غير معتاد في مجتمع تقليدي كهذا.
بفضل شجاعتها وحكمتها، نالت موانا احترام كبار القبيلة، وتمكنت من التحدث في المجالس القبلية التي كانت مقصورة غالباً على الرجال، ومن خلال هذا الدور، أصبحت مدافعة عن حقوق المرأة، مطالبةً بتعزيز دورها في اتخاذ القرارات المجتمعية ودعم تعليم الفتيات، وهو أمر نادر في تقاليد الهيمبا.
إنجازاتها في مجال تمكين المرأة
استطاعت موانا أن تقود حملات توعوية داخل المجتمع القبلي، تشجع من خلالها على تعليم الفتيات وتوعيتهن بأهمية الحفاظ على تقاليدهن وهويتهن، وفي الوقت نفسه تأهيلهن للتعامل مع تحديات العصر.
وعملت على تنظيم جلسات تعليمية لنساء القبيلة لتعزيز مهاراتهن في الحرف التقليدية مثل صناعة الحلي والملابس، مما مكن العديد منهن من تحقيق الاستقلال الاقتصادي.
كما ركزت على تعزيز الوعي الصحي بين النساء، مشجعةً الأمهات على تلقيح أطفالهن واتباع ممارسات صحية جديدة بجانب الطب التقليدي، وبهذا، ساعدت في تحسين جودة الحياة في القبيلة والحد من انتشار الأمراض.
التحديات التي واجهتها
لم يكن طريق موانا ماكا سهلاً، فقد واجهت معارضة شديدة من بعض الرجال التقليديين الذين رأوا في أفكارها تهديداً لسلطتهم التقليدية، إلا أنها بفضل دعم النساء وبعض القادة المتنورين، استطاعت التغلب على هذه التحديات وكسب المزيد من التأييد، واستخدمت حكمتها في الموازنة بين الحفاظ على التقاليد ودفع القبيلة نحو تحسين أوضاعها.
أصبحت موانا ماكا رمزاً للتحول الإيجابي في قبيلة الهيمبا، إذ أثبتت أن القيادة ليست حكراً على الرجال وأن النساء قادرات على لعب دور حيوي في تحسين أوضاع مجتمعهن، ورغم رحيلها، تركت وراءها إرثاً من الشجاعة والابتكار والتفاني في خدمة مجتمعها، ما جعل النساء في قبيلتها أكثر قوة وثقة في قدراتهن.