سقطرى: جزيرة العجائب وأرض السلع المقدسة
سقطرى هو الاسم العربي القديم لهذه الجزيرة، والذي ورد في المؤلفات التاريخية والمعاجم اللغوية بصيغ متعددة مثل سقطرة وسقوطرة وسوقطرة، بينما يسميها أهلها سقطري بفتح السين والقاف وسكون الطاء وكسر الراء. هذا التنوع في الكتابة يعكس أهمية الجزيرة عبر العصور، حيث احتلت مكانة بارزة في كتب التاريخ والخرائط الجغرافية، وارتبطت بأسماء مختلفة مثل ديوسقوريدس وسكوطرة، مما يؤكد عمق تأثيرها الثقافي والتاريخي.
أرض السلع المقدسة
تعود شهرة سقطرى إلى دورها المحوري في تجارة السلع المقدسة التي ازدهرت مع نشاط الطريق التجاري القديم المعروف بطريق اللبان. كانت الجزيرة مركزًا لإنتاج اللبان والصبر السوقطري، الذي يعد أجود أنواع الصبر، إضافة إلى البخور والمر ومختلف أنواع الطيب. هذه السلع لم تكن مجرد منتجات تجارية، بل كانت تحظى بمكانة مقدسة لدى شعوب العالم القديم، مما أكسب الجزيرة لقب “جزيرة السعادة” في كتابات الإغريق والرومان.
صعوبة الوصول إلى الجزيرة في الماضي أسهمت في نسج العديد من القصص والأساطير حولها، مما جعلها تبدو وكأنها قطعة من عالم آخر، مليئة بالأسرار والعجائب.
أرخبيل سقطرى
يقع أرخبيل سقطرى على الساحل الجنوبي للجزيرة العربية، أمام مدينة المكلا شرق خليج عدن، في نقطة التقاء المحيط الهندي ببحر العرب، وعلى مقربة من القرن الإفريقي. تبعد الجزيرة حوالي 300 كيلومتر عن الساحل اليمني و900 كيلومتر عن مدينة عدن، مما يعزز من موقعها الاستراتيجي.
يتألف الأرخبيل من جزيرة رئيسة هي سقطرى، التي تعد أكبر الجزر العربية واليمنية على الإطلاق. يبلغ طول الجزيرة 125 كيلومترًا، وعرضها 42 كيلومترًا، بينما يمتد شريطها الساحلي بطول 300 كيلومتر. كما تعد حديبو عاصمة الجزيرة، ويبلغ عدد سكانها نحو 44,880 نسمة.
كما تقع سقطرى بين خطي طول 53-19 و54-33 شرق خط غرينتش، وبين دوائر عرض 42/12-128 شمال خط الاستواء. هذا الموقع القريب من خط الاستواء يمنح الجزيرة مناخًا مداريًا فريدًا. وقد أسهمت هذه الخصوصية المناخية في تنوع الغطاء النباتي للجزيرة، مما يجعلها موطنًا لتشكيلات طبيعية مذهلة.
سقطرى ليست مجرد جزيرة، بل هي متحف طبيعي يعكس روعة الطبيعة وتاريخ الحضارات. بقصصها الغنية ومناظرها الساحرة، تستمر سقطرى في جذب أنظار العالم، لتظل واحدة من عجائب الأرض التي تحتفظ بجمالها وسحرها الفريد.