متحف دنشواي: شاهد على شجاعة المصريين وتاريخ مشرف
يعتبر متحف دنشواي الواقع في قرية دنشواي التابعة لمركز الشهداء في محافظة المنوفية من أبرز المعالم السياحية والثقافية في المنطقة، حيث يمثل تجسيدًا للأحداث التاريخية التي شهدتها القرية منذ عقود طويلة، وخاصة حادثة دنشواي الشهيرة. يضم المتحف مجموعة غنية من الصور واللوحات الفنية والتماثيل السريالية التي تسجل تلك الحادثة، وتبرز شجاعة المصريين في مقاومتهم للاحتلال الإنجليزي.
تاريخ تأسيس المتحف: من الموقع التاريخي إلى المعلم الثقافي
تم إنشاء متحف دنشواي عام 1963 على الأرض نفسها التي شهدت أحداث الحادثة، حيث تمت محاكمة المصريين فيها. أعيد بناء المتحف ليصبح مؤسسة ثقافية وفنية ضخمة، وأعيد افتتاحه رسميًا في 1 يوليو 1999، ليكون رمزًا لتخليد تلك الحادثة الوطنية. وقد تم تصميم المتحف على يد المهندس هاني المنياوي، مما جعله يعكس تراث المنطقة وهويتها الثقافية.
محتويات المتحف: توثيق الحادثة بطرق فنية متنوعة
يتضمن المتحف مجموعة قيمة من المخطوطات واللوحات الفنية التي تعكس تفاصيل حادثة دنشواي التي وقعت في 13 يونيو 1906. يشتمل أيضًا على ست صور فوتوغرافية نادرة تمثل بعض أحداث المعركة، حصل المتحف عليها كهدية من أحد المواطنين المصريين، وهي صور التقطها مصور تركي. بالإضافة إلى ذلك، يحتوي المتحف على آلات تاريخية زراعية مثل الشادوف والناعور، مما يعكس الحياة اليومية للفلاحين في تلك الحقبة.
المساحة والتصميم: متحف متكامل على أرض الحدث
يمتد متحف دنشواي على مساحة تبلغ 2850 مترًا مربعًا، مع إشغالات تصل إلى 850 مترًا منها، بنسبة 30%. كما تضم المسطحات العروضية حوالي 800 متر مربع، وتحتوي على عدة قاعات عرض رئيسية ومسرح مكشوف يتسع لـ250 شخصًا، بالإضافة إلى مركز ثقافي وترفيهي. تم ترميم ثلاثة تماثيل نصفية بارزة للزعماء جمال عبد الناصر وأنور السادات ومصطفى كامل، مما يعزز من أهمية المتحف كمؤسسة ثقافية.
القصة الإنسانية: صمود الأهالي ودروس التاريخ
يعتمد سيناريو المتحف على 15 مشهدًا فنيًا تجسد الأحداث التي وقعت في قرية دنشواي، بداية من إطلاق النار من قبل الضباط الإنجليز، مما أدى إلى استشهاد أحد الضحايا من الأهالي. أسفرت الأحداث عن مقتل ضابط إنجليزي، مما أدى إلى محاكمة شديدة للأهالي، حيث تم إعدام أربعة منهم وجلَد ثمانية آخرين، مما أثار الرأي العام المصري والدولي. كان لهذا الحادث تأثيرات واسعة أدت إلى تغيير المعتمد السامي البريطاني اللورد كرومر وإطلاق سراح المسجونين.
تاريخ المتحف: من بدايات بسيطة إلى صرح ثقافي
عند تأسيسه، كان مبنى المتحف يتكون من غرفتين وصالة صغيرة، ومع مرور الوقت تم تجديده ليصبح بصورته الحالية في عام 1999، وتم افتتاحه بحضور المستشار عدلي حسين محافظ المنوفية الأسبق. اليوم، يتكون المتحف من ثلاثة طوابق تحتوي على 105 قطعة فنية تمثل حياة الفلاح المصري وكيف كانت تفاصيل حياته اليومية.
المسرح المكشوف: تجسيد الذاكرة التاريخية
يمتاز المتحف بمسرح مكشوف يحتضن المشنقة الحقيقية التي استخدمت في إعدام أبطال أهالي دنشواي. كما يضم صالة تحتوي على صور فوتوغرافية لضحايا الحادثة، مما يضفي طابعًا إنسانيًا قويًا على المتحف، ويعيد ذكريات تلك الأحداث المأساوية.
الإقبال والاهتمام: متحف يجذب الزوار من كل أنحاء مصر
مدير أمن المتحف نديه عثمان أكدت أن المتحف يستقطب الزوار من كافة محافظات الجمهورية، حيث تستقبل الرحلات المدرسية يوميًا تقريبًا. لقي المتحف اهتمامًا كبيرًا منذ عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، الذي كان يحرص على زيارته عند قدومه إلى مسقط رأسه في ميت أبو الكوم القريبة من دنشواي.
في الختام، يُعد متحف دنشواي بمثابة نافذة على تاريخ مليء بالبطولات والتضحيات، ويجسد إرادة الشعب المصري في مقاومة الاحتلال، مما يجعله وجهة أساسية لكل من يسعى لفهم أعمق لتاريخ مصر الحديث.