علاء عبدالله يكتب .. 6أكتوبر..سيدة الحروب
شهادات قادة العدو تكشف دهاء السادات واحترافية
القوات المسلحة المصرية
برقية قرار الحرب.. أقدس وثيقة فى تاريخ العسكرية
المصرية
ما أصعب أن تضيع الأرض وما أقسى أن يخرج الرجل من
داره، خاصة إذا كان يملك كبرياء المصري الأصيل الذي
لا يجار عليه، لكن في غفلة من التاريخ والزمن والمنطق
وقعت كارثة نكسة 67 ليستفيق المصريون على واقع لم
يعهدوه طوال تاريخهم الممتد لآلاف السنين، وهو أن جزءا
عزيزا من أرضهم صار تحت يد مغتصب محتل، فكان لابد
أن يكون الرد على قدر الجرح والصفعة أضعافا مضاعفة.
وهكذا أتت حرب أكتوبر لترد الشيء لأصله وتصحح خطأ
التاريخ.
كان ومازال وسيظل نصر أكتوبر المجيد الحدث الأهم في
تاريخ مصر والعرب الحديث بكل تفاصيله، لأنه خرج من
نطاق الحدث إلى آفاق المعجزة، ومن إطار الحرب إلى
مستوى الملحمة، فما حدث في أكتوبر ليس مجرد حرب
لبضعة أيام وانتهت بانتصار المصريين، بل هي أكبر من
ذلك بكثير فهي حكاية شعب كامل وأمة عريضة، لم تعتد
على الهزيمة ولم تعايش من قبل الانكسار وشعب لم ينم
يوما وأرضه محتلة بل كان على الدوام يحكم إمبراطوريات
مترامية الأطراف والآن يعيش الاستثناء وليس القاعدة.
تجرع أهل مصر المرارة كاملة عقب نكسة 67 بكل
تفاصيلها وحبسوها في صدورهم حتى أتت ساعة الانتقام
الكبيرة والحساب وفعلوا ما أسماه العالم معجزة عسكرية
على أعلى مقياس عسكري، وهو نفس الوصف الذي
استخدمه بطل الحرب والسلام.
كان الغل ورد الاعتبار هو من يحرك جحافل الجنود
الغاضبة، الراغبة في تصحيح الزمن، كان هو الدافع الذي
ذاب تحته خط بارليف المنيع، وأمام ذلك كله كان الهدف في
إعادة التاريخ لمساره الحقيقي وأن يعرف الجميع حجم
مصر وقوتها وتأثيرها وأنها ستبقي ضد الانكسار ولا
تستسيغ الهزيمة ولا تقبلها.
السادات الرئيس المؤمن داهية الحرب وفيلسوف السياسة،
والفلاح الذي سخر من قادة اليهود وهزمهم شر هزيمة على
الهواء مباشرة وأمام كل العالم، لم يشك لحظة في قوة
غضب المصريين التي بفضلها سيتحقق النصر، ولم يراوده
شك في غرفة العمليات أن المقاتل المصري سوف يفعلها
ويحقق المعجزة ويعوض لحظات السنوات الست
العجاف، ولم يخذله جنوده أبدا وكانوا على قدر المسئولية.
نجح السادات في أن يحول نصر أكتوبر إلى نكسة لجولدا
مائير ونهاية مستقبلها السياسى. كما تمكن بفضل ملحمة
العاشر من رمضان في أن يحيل عشرات من قادة الكيان
الصهيوني إلى التقاعد بعد فضيحة يوم كيبور، وهي هزيمة
ماحقة ضربت الغطرسة الإسرائيلية في مقتل وأذهبت نعرة
التفاخر والتعالي التي اعتادوا نثرها على بقية الشعوب.
ستبقي معارك أكتوبر درسا مفيدا للمصريين يتوارثونه عبر
الأجيال، فقد كان حدثا فارقا في سفينة الوطن التي ظنها
القراصنة أنها يمكن أن تقع في الأسر، ويكفيها أن أعادت
للمصريين ثقتهم في أنفسهم وفي بلادهم وفي تلك الكاريزما
الدولية التي تشتهر بها بين الدول.. مصر عظيمة وستبقى
كذلك.
ولأن الشيء بالشيء يذكر بمناسبة مرور51 عاما على
حرب أكتوبر المجيدة كشفت صحيفة معاريف الإسرائيلية
عن محضر التحقيقات مع «إيلى زعيرا» رئيس شعبة
الاستخبارات بالجيش الإسرائيلي «أمان» خلال اللجنة التي
تم تشكيلها لمعرفة سبب هزيمة الجيش الإسرائيلي والتي
تسمى لجنة «أجرانت» التي كان يترأسها القاضي المتقاعد
شمعون أجرانت.
وقال «زعيرا» في محضر استجوابه إنه قبل 10 أيام من
اندلاع حرب أكتوبر ما كان أحد أن يستطيع أن يخمن بأن
الجيشين المصرى والسوري ينويان شن هجوم على القوات
الإسرائيلية المحتلة لسيناء ولهضبة الجولان.
وأكد القائد الإسرائيلي أنه يتحمل مسؤولية عدم تقدير
الموقف كاملاً ، لكونه لم يوجه تعليمات للقيادات العليا
بتوخي الحذر بأن الجيش المصري يخطط لاستعادة سيناء.
وبسؤال زعيرا عن موقفه من رسالة أصدرها مصدر ما
بأنه تم طرد الخبراء الروس من سوريا ومصر، وسط
تكهنات باندلاع حرب مع مصر، أكد أنه لا يتذكر ما إذا
كان قد تلقى تعليمات بتأجيل نشر مجموعة المخابرات،
ولكن في رسالة رد ، ذكر مساعده في البحث، العميد أري
شاليف، أن زعيرا هو الذي أمر بتأجيل تجميع المعلومات
الاستخبارية وعدم توزيعها.
ختاما لسنا في حاجة إلى شهادة زعيرا أو بقية جنرالاته
المهزومين، فنحن نعرف حجم الحدث لأننا صنعناه ونعلم
كم تبعاته المزلزلة على الجانب الإسرائيلي وحجم المرارة
والألم الذي صبه المصريون صبًا في أفواه أعدائهم.
– قرار الحرب
ستظل وثيقة قرار الحرب هي الأقدس من ضمن الوثائق
المصرية في العصر الحديث، وهو القرار الذي وقعه
الرئيس السادات بالتوجيه الاستراتيجي للقوات المسلحة
لتحرير الأرض موجها للفريق أول أحمد إسماعيل وزير
الحربية القائد العام للقوات المسلحة.
وصدر في مثل هذا اليوم من51 سنة ويعد من أهم الوثائق
التي نحتفي بها في ذكرى النصر، ويحتفظ بها التاريخ
العسكري، ذلك القرار الذى كتبه الرئيس الراحل أنور
السادات بخط يده، والمؤرخ بالخامس من أكتوبر عام
1973، تحت عنوان "توجيه استراتيجى من رئيس
الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة".
وكتب السادات، بخط يده الوثيقة التي تثبت مدى نجاح
وتفوق قواتنا في تنفيذ خطة الحرب، مقدر لها أن تفرض
أمرًا واقعًا لجيش منتصر يضع شروطه لإعادة حقه
وتحرير أرضه ولفرض السلام الذي يتيح له بناء وطنه.
وجاء في نص الوثيقة:
«إلى الفريق أول أحمد إسماعيل وزير الحربية القائد العام
للقوات المسلحة، بناءً على التوجيه السياسى العسكرى
الصادر لكم منّي فى أول أكتوبر 1973 وبناءً على
الظروف المحيطة بالموقف السياسى والاستراتيجى،
قررت تكليف القوات المسلحة بتنفيذ المهام الإستراتيجية
الآتية:
ـ إزالة الجمود العسكرى الحالى بكسر وقف إطلاق النار
اعتباراً من يوم 6 أكتوبر 1973.
ـ تكبيد العدو أكبر خسائر ممكنة فى الأفراد والأسلحة
والمعدات.
ـ العمل على تحرير الأرض المحتلة على مراحل متتالية
حسب نمو وتطور إمكانيات وقدرات القوات المسلحة».
وحدد السادات أن تنفيذ المهام يتم بواسطة القوات المسلحة
المصرية منفردة أو بالتعاون مع القوات المسلحة السورية.