ابن شهيد: مؤرخ الأندلس وشاعرها المبدع الذي أثرى الأدب والتاريخ
عبد الملك بن أحمد بن عبد الملك بن شهيد القرطبي، المعروف بأبي مروان، وُلد عام 382 هـ في قرطبة حيث عاش وتوفي. كان من أبرز أعلام الأندلس، وأحد ندماء ملوكها ومن وزرائها البارزين. ترك بصمة واضحة في الأدب والتاريخ الأندلسي، حيث صنف أعمالاً بديعة في مختلف الفنون، واشتهر بكرمه وفصاحته.
من هو ابن شهيد
برز ابن شهيد بصفته مؤرخًا للأندلس، حيث ألف كتابًا ضخمًا يتألف من أكثر من مائة جزء، رصد فيه تاريخ الأندلس بدءًا من عام الجماعة 40 هـ وحتى وفاته عام 426 هـ. امتاز ابن شهيد بقدرته على سرد الأحداث بطريقة مرتبة حسب السنين، مما جعله مصدرًا موثوقًا للتأريخ الأندلسي. ومن أبرز من ذكره وأشاد بفضائله ابن خلكان في “وفيات الأعيان”، حيث أشار إلى أن ابن شهيد ينحدر من نسب شريف يعود إلى الوضاح بن رزاح الذي كان من كبار الفرسان في معركة مرج راهط الشهيرة.
ابن شهيد لم يكن مجرد مؤرخ، بل كان أيضًا شاعرًا مبدعًا، يتمتع بموهبة فريدة في نظم الشعر. له العديد من الرسائل الأدبية والقصائد التي امتازت بجودة السبك وعمق المعاني. من أشهر مؤلفاته “كشف الدك وإيضاح الشك” و”التوابع والزوابع”، كما كان له مراسلات أدبية مع ابن حزم الظاهري، حيث تبارز الاثنان في فنون الأدب والفكر.
في جانب الشعر، ترك ابن شهيد قصائد خالدة، حيث برع في تصوير المعارك ووصفها بأسلوب يبرز شجاعته وقوة كلماته. ومن شعره البديع ما وصف فيه كماته وصراعاتها مع سباع الطير، مشيرًا إلى أن سيوفهم تروي جوع السباع قبل أن تعود إلى أوكارها. كما كان له شعر رقيق يحمل معاني الحب والعشق، إذ أبدع في تصوير اللحظات الحميمية بتعابير راقية وسلسة.
ابن شهيد، الذي عاش في زمن مليء بالتحديات والصراعات، لم يتوقف عند التأريخ والشعر، بل كانت له إسهامات اجتماعية وعلاقات قوية مع أعلام عصره. وقد توفي في 426 هـ عن عمر ناهز 44 عامًا، تاركًا إرثًا أدبيًا وثقافيًا غنيًا أثرى به تاريخ الأندلس وشعرها.
كانت حياة ابن شهيد مفعمة بالإبداع والشغف، وساهمت أعماله في ترسيخ مكانته كأحد أهم أعلام الأندلس.