عادات و تقاليد

إرث مقدس ومجالس أنس.. أهمية “القهوة” عند قبائل البجا في شرق السودان

أميرة جادو 

تتميز قبائل البجا في شرق السودان بعادات وتقاليد فريدة، حيث تُعتبر القهوة أمرًا بالغ الأهمية وتحظى بمكانة عظيمة في ثقافتهم. في جميع الأوقات، يعتبرون شرب القهوة، المعروفة أيضًا باسم “الجبنة” لدى السودانيين، ضرورة لا غنى عنها.

أهمية القهوة عند قبائل البجا

كشف “علي أوشيك”، أحد أبناء قبائل البجا،” عن أهمية القهوة قائلاً: “تعتبر القهوة أو الجبنة مشروبًا تقريبًا مقدسًا بالنسبة لقبائل البجا في شرق السودان. نحن نعشق هذا المشروب في كل الأوقات، سواء في الليل أو النهار، حتى خلال شهر رمضان. نحرص على تحضير القهوة مباشرة قبل الإفطار، حتى تكون جاهزة لتناولها بعد الصيام. وفي أوقات أخرى، ننتظر بعد الإفطار لساعات لنتمكن من تذوقها.

تُحضَّر القهوة عن طريق تحميص حبوب البُن الخضراء على الفحم حتى تتحوَّل إلى اللون البني الداكن. ثم يتم وضعها في إبريق فخاري مع الزنجبيل والماء.

يتم تقديمها في فنجان صغير أو كوب بحسب الحاجة وتتميز برائحتها الزكية والمميزة جدًا. فعلاً، تعدل مزاج الشخص الذي يشربها”.

مشروب تراثي عميق

وأضاف “أوشيك”: “تعتبر القهوة مشروبًا تراثيًا عميق الجذور لقبائل البجا في شرق السودان، وهي تُعتبر تراثًا يتم تمريره من جيل إلى جيل. رغم تغيرات العصور وتقلبات الزمان، استمرت القهوة في الاحتفاظ بمكانتها السامية في قلوب البجاويين ولم تتأثر بالتحولات الحديثة التي شهدتها مجتمعاتنا”.

لذلك، تحتل القهوة أو “الجبنة” مكانة مركزية في كل منزل لقبائل البجا، وتكاد تكون أساسية في جميع المنازل هناك. لا يوجد منزل بدون مستلزمات إعداد القهوة، بل تدخل حتى في تجهيزات المنازل الزوجية، حيث تكون “عدة الجبنة” واحدة من الأساسيات في أثاث المنزل الجديد.

إعداد القهوة

ومن جانبه، أوضح “سيدنا حامد”، صاحب مقهى في سوق مدينة كسلا بشرق السودان، أن القهوة أو “الجبنة” لها قيمة خاصة بين البجا، حيث يفضلونها على أي مشروب آخر ويشربونها عدة مرات في اليوم. غالبًا ما يبدأون يومهم بتناولها عند الاستيقاظ صباحًا، ويختتمون بها يومهم قبل النوم ليلاً. كما يكرمون ضيوفهم بتقديم القهوة في جميع الأوقات.

وإعداد القهوة ليس حكرًا على النساء فقط، بل يشمل الرجال والأولاد أيضًا.

عادةً ما يبدأ إعداد القهوة بغسل حبوب البن جيدًا بالماء قبل وضعها في مقلاة لتحميصها على النار. وفي بعض الأحيان، يتم إضافة قطرات من السمن البلدي أو زيت السمسم.

وغالبًا ما يقوم النساء بتمرير الأبخرة المتصاعدة من غلي البن للحاضرين ليستنشقوها كنوع من الاستمتاع والمتعة لعشاق القهوة. بعد ذلك، يتم تحميص البن حتى يتحول إلى مسحوق ناعم ويوضع فوق الماء المغلي، ويتم إضافة الزنجبيل والهيل وأحيانًا القرفة بمقادير مختلفة حسب رغبة المشرب.

ثم يصب الخليط في أوانٍ فخارية زاهية الألوان ويُقدم في أكواب صغيرة مع إشعال البخور لاستكمال طقوس الاستمتاع والمتعة.

طقوس شرب القهوة

القهوة أو “الجبنة” تمتلك طقوسًا خاصة لدى قبائل البجا، وغالبًا ما تكون الجلسات الاجتماعية والمناسبات الاجتماعية مصاحبة لها، حيث تعتبر رمزًا للضيافة والكرم بين قبائل البجا.

وكثيرًا ما يذكر القهوة في قصائد وأغاني البجا، حيث كتبت لها العديد من الشعراء وغناها الكثيرون على آلة الربابة. ومن الريف إلى المدينة، أصبحت القهوة أمرًا مألوفًا لدى سكان شرق السودان، وتمتلئ الشوارع والطرق في مدن الشرق بالمقاهي التي تقدم القهوة بالطقوس التقليدية المعروفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى