عادات و تقاليد

لعنة الميت”.. عادة غريبة لتوارث الزوجات بين بعض القبائل الإفريقية

كتب عمر محمد

 

لا يزال توارث الزوجات تقليدا أصيلا في الكثير من المجتمعات الإفريقية خاصة في المناطق التي تحكمها القيم والعادات المرتبطة بالحفاظ كتب عمر محمد

 

 

 

 

لا يزال توارث الزوجات تقليدا أصيلا في الكثير من المجتمعات الإفريقية خاصة في المناطق التي تحكمها القيم والعادات المرتبطة بالحفاظعلى مصلحة العائلة والقبيلة والتي تفرض على الشباب التضحية وتحمل مسؤولية إبقاء أبناء ومال وجاه المتوفى في نطاق العائلة.

 

ورغم التطورات التي تعرفها مجتمعات جنوب الصحراء بإفريقيا ونجاح بعضها في التخلص من الكثير من العادات القديمة، فإن عادة توارث الزوجات لا تزال عصية على التجاوز، بل إنها تفرض نفسها بشكل متزايد في المجتمعات الريفية الأكثر اعتزازا بعاداتها.

 

وتفرض هذه العادات على الرجل سواء كان شابا في مقتبل العمر أو رجلا متزوجا أن يرتبط بأرملة قريبه المتوفى، حفاظا على إرث الراحل داخل العائلة سواء كان هذا الإرث أراضي أو أبناء أو مال أو حتى جاها، أو مركزا اجتماعيا داخل القبيلة أو العشيرة.

 

وكلما أبدى الرجل وغالبا ما يكون الأخ الأكبر للراحل أو ابن عمه احتراما لهذه العادة ورغبة باتباعها، كلما كان محل تقدير واحترام من قبل محيطه العائلي، لأنه فضّل المصلحة العامة للعائلة على حياته الخاصة، ففي الكثير من الأحيان تؤثر هذه العادة على سعادة الشباب واختياراتهم في الحياة.

 

وبالمقابل كلما رفض الرجل إرث قريبه بالزواج من أرملته، ظلّ مقصيا من كثير من الأمور الإيجابية التي كانت ستعزز مكانته الاجتماعية وسترفع حظوظه في وسطه القبلي، لأنه رفض رغبة العائلة واحترام الأصول القبلية المعروفة.

 

عادة متوارثة

في هذا الصدد يرى الباحث السينغالي ممادو تراويه أن توارث الزوجات في الكثير من المجتمعات هي عادة تناسب حاجة العائلة والقبيلة لذلك يتم فرضها كعرف اجتماعي، لكنها لا توافق في الكثير من الأحيان الفرد سواء كان الرجل الذي عليه أن يقبل بإرث رجل آخر، أو بالأرملة التي قد ترغب بأن تبقى حرة في اختيارها بالبقاء على ذكرى زوجها الراحل أو تكوين عائلة جديدة بعيدا عن محيطها السابق.

 

ويؤكد الباحث أن القبائل في منطقة جنوب الصحراء ترى أن القبول بهذا الزواج هو بمثابة إظهار للاحترام والعرفان للعائلة والقبيلة، ولا تهتم كثيرا لخيارات الشخص ومدى رغبته في تكوين أسرة تبعا لقناعاته الشخصية.

 

ويقول في حديثه لـمجلة القبائل “بالنسبة لبعض القبائل فهذه العادة لا تعني نقل الأصول والإرث من شخص متوفى إلى شخص حي، بل قبل كل شيء، نقل المكانة والوظيفة والدور الاجتماعي… ففي العرفي الإفريقي تكون مهمة الحفاظ على الأسر الممتدة والكبيرة مهمة صعبة، خاصة إن كان الراحل يتمتع بميزة اجتماعية أو مكانة دينية حيث تنتقل هذه الوظائف في أغلب الأحيان إلى وريثه… لذلك فالحفاظ على الميراث داخل العائلة يعني بالنسبة لهم الحفاظ على المكانة والنسب والجاه”.

 

ويشير إلى أن الخلافة وتولي مسؤولية العائلة يتطلب القيام بمهام اجتماعية ووظيفية وأيضا الإنفاق على العائلة، فليس الإرث دائما يعني الاستيلاء على الممتلكات وإدارة ميراث الزوجة وأبناء المتوفى، بل إنه في الكثير من الأحيان يتطلب الأمر من الرجل الذي يقبل هذا الإرث أن يتولى مسؤولية عائلة المتوفى والتكلف بجميع احتياجات أبنائه وزوجته، والعمل على تنمية تجارته أو زراعته.

 

لعنة الميت

يتولى “الأخ الأكبر” مهمة الارتباط بأرملة أخيه والاهتمام بأطفاله، وحسب العرف الإفريقي فإن مصطلح “الأخ الأكبر” يتجاوز الشقيق الذي يكون صاحب الأفضلية في هذا الصدد، ليشمل أبناء العمومة وأبناء إخوة الراحل.

 

وحسب الأعراف الاجتماعية التي كانت تحكم المجتمعات الإفريقية فإن الزواج اتفاق واتحاد بين الأسر والعشائر والمجتمعات، لذلك فهي ترى أن وفاة أحد الزوجين لا يجب أن تؤدي إلى إلغاء هذا الاتحاد، بالتالي فإن أفضل طريقة لضمان استدامته هي أن يتولى أحد رجال العائلة دور المتوفى وأن يكون خليفته ويحل محله كزوج وأب وراع للعائلة.

 

وهناك بعض القبائل تعتقد أن عدم احترام هذه العادة سيعرض العائلة للعنة الميت، لذلك فهي تدفع بكل قوتها ونفوذها لإنجاح هذا الزواج، خوفا من “انتقام المتوفى” إن تم إهمال أرملته وذريته.

 

ورغم التطور الحاصل في المجتمعات التقليدية فإن الكثير من القبائل ترى في عادة توارث الزوجات حماية للأرامل والأيتام.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى