الأبعاد الخفية لعبقرية ابن البناء: رحلة في عالم الأرقام والفلك
أبو العباس أحمد بن محمد بن عثمان، المعروف بابن البناء والمراكشي. كما كان معلمًا ومؤلفًا مغربيًا بارزًا في العصور الوسطى. ولد بين عامي 639 و 656 هـ وتوفي في مراكش عام 721 أو 723 هـ. اكتسب لقب “ابن البناء” نظرًا لمهنة والده كبنّاء، و”المراكشي” لإقامته وتدريسه في مراكش.
الأبعاد الخفية لعبقرية ابن البناء
ابن البناء تميز في مجالات عدة، لكنه برع خصوصًا في الرياضيات والعلوم المرتبطة بها. كما أثمر جهده في تأليف أكثر من 70 عملاً في الأرقام، الحساب، الهندسة، الجبر، والفلك. وإن كان قد ضاع الكثير منها. العلماء الأوروبيون اكتشفوا فقط القليل من هذه الأعمال، وقاموا بترجمة بعضها إلى لغاتهم، مما أظهر تأثير ابن البناء في مجالات الحساب، الجبر، والفلك.
كتاب “تلخيص أعمال الحساب” هو أشهر أعمال وأكثرها قيمة. كما ظل مرجعًا مهمًا في المغرب حتى نهاية القرن السادس عشر الميلادي. ولاقى اهتمامًا كبيرًا من العلماء في القرنين التاسع عشر والعشرين. بالإضافة إلى هذا الكتاب، ألف كتابين في الجبر والمقابلة، ورسالة في الهندسة، وأزياجًا في الفلك، وكتابًا عن الجداول الفلكية يعرف بـ “كتاب المناخ”.
في ختام رحلتنا مع العالم الجليل ابن البناء، نقف إجلالًا وإكبارًا لإرثه العلمي الذي أثرى الحضارة الإسلامية والعالمية. لقد كان بمثابة منارة مضيئة في سماء الرياضيات والفلك. كما يرشد الباحثين والعلماء عبر العصور. تظهر مؤلفاته الباقية، وعلى رأسها “كتاب تلخيص أعمال الحساب”، عمق فكره ودقة منهجه، وتعد شاهدًا على عبقريته التي تجاوزت حدود زمانه ومكانه.
لم يكن مجرد عالم رياضيات، بل كان مهندسًا فلكيًا ومبدعًا لا يحد، حيث ترك بصماته الواضحة في مجالات الجبر والهندسة والأزياج الفلكية. ومن خلال كتبه ورسائله، لا سيما في الجبر والمقابلة، قدم للعالم أسسًا متينة لعلوم لا تزال تدرس وتطور حتى يومنا هذا.
وفي الوقت الذي ضاع فيه الكثير من أعماله. كما يبقى ما وصل إلينا كنزًا لا يقدر بثمن. يلهم الأجيال المتعاقبة لمواصلة البحث والاكتشاف. إن إرثه يذكرنا بأن العلم لا حدود له. وأن العقل البشري قادر على تجاوز كل التحديات إذا ما أُتيحت له الفرصة للتأمل والابتكار.