تاريخ ومزارات

“الزينية”.. آخر قرية وكنيسة تتحدث “القبطية” بعد مرور مئات السنين.. اعرف القصة

 

متى خطرت فكرة إحياء اللغة القبطية على رعاة كنيسة الزينية بالأقصر؟ لا يمكن الإجابة عن ذلك تحديدًا، فمنذ أن انحسرت اللغة القبطية في الكنائس، فإن محاولات الحفاظ على هذه اللغة حاضرة دائمًا، كما أن الزينية احتفظت بلكنة اللغة القديمة من التحريف.

في العام 1673 زار الرحالة الأوربي الأب فانسليب الصعيد، وعندما بلغ أسيوط تعرف بمطران المدينة أنبا يؤنس، يقول فانسليب: إن المطران عرفه برجل قبطي يدعى أثناسيوس، كان الرجل الوحيد العارف بلغة بلاده- أي القبطية- كان قد بلغ من العمر ثمانين عامًا، وكان أصم.

يصف فانسليب “رأيت الرجل الذي ينحدر إلى القبر فتُدفن معه اللغة القبطية”، هذه الجملة التي يعلق عليها حسين فوزي في كتابه سندباد مصري بقوله “ما هي إلا مبالغة رحالة، فقد بقيت القبطية، وإنْ انحسرت في الكنائس”.

لأكثر من ثلاثة قرون صمدت اللغة القبطية أمام العربية الوافدة مع المسلمين، وحتى القرن التاسع الميلادي كان الخليفة المأمون يصطحب معه مترجمًا إذا زار مصر، وشيئًا فشيئًا بدأت اللغة القبطية تتراجع أمام العربية، وفي القرن الحادي عشر الميلادي ظهرت كتب قواعد النحو القبطي مكتوبة بالعربية، إلى جانب قواميس قبطية عربية، حتى الأسماء بدأت تأخذ طابعًا عربيًا.ية، لكنها انحسرت في طقوس الكنائس لقرون عدة”.

آخر مراحل اللغة المصرية

اللغة القبطية هي آخر مراحل اللغة المصرية القديمة، التي ظهرت كترجمة للغة المصرية القديمة، التي كانت تأخذ مساحة كبيرة في الكتابة، ومع الوقت تقلصت اللغة القبطية داخل الكنائس.

يقول نبيل إسطفانوس، خادم كنيسة الأنبا باخوم بقرية الزينية بحري، إن اللغة المصرية القديمة مرت بأربع مراحل على مر العصور، في البداية كانت اللغة الهيروغليفية وكانت خاصة بالملوك ونقش أعمالهم علي الجدران والقصور، ثم تطورت للهيراطيقية، وهي لغة كانت خاصة بالكهنة، ثم تطورت اللغة في المرحلة الثالثة للغة الديموطيقية وكان يتحدث بها عامة الشعب، ثم تطورت للغة القبطية.

انحسار القبطية أمام العربية

ويتابع أنه مع دخول العرب مصر، بدأ الأقباط يتعلمون اللغة العربية بسبب العمل في الدواوين، إلى جانب أن هناك عدد كبير منهم خلوا فيي الإسلام فتعلموا العربية ليقرأوا القرآن، وبين القرنين السابع عشر والثامن عشر اختفت اللغة القبطية، لكنها ظلت حاضرة في الكنائس القبطية.

وفي عهد البابا كرولس الرابع في القرن التاسع عشر ظهر مشروع لتوحيد الكنيسة القبطية بمصر بالكنيسة اليونانية، ومن مظاهر التوحيد هي توحيد النطق، وتسبب ذلك في خلق خطأ كبير في نطق اللغة، وكان ذلك على يد المعلم عريان أفندي جرجس مفتاح، فأصبح الأقباط ينطقون اللغة القبطية بالنطق اليوناني الحديث، حتى انتهي اللفظ القديم دون أن يلاحظ أحد التغيير بين اللفظين القديم والحديث.

ويوضح إسطفانوس أن قرية الزينية مازالت تحافظ على طريقة النطق باللفظ الأصلي القديم، ولم تقتصر الكنيسة على الحفاظ على النطق فقط، بل على الألحان التي تختلف عن جميع كنائس مصر.

دروس الكنيسة

ويتابع أن هناك أكثر من أستاذ جامعي تناولت رسالته الجامعية اللغة القبطية الأصلية بالزينية بحري، منهم الدكتور الباحث شنودة إميل ماهر إسحاق، التي كانت رسالته عن اللغة القبطية القديمة وأصلها والقرية الوحيد التي ما زالت محافظة عليه، كما قدم الدكتور بحثه في أكثر من ثلاث جامعات كبيرة بالعالم.

وفي هذا الصدد قالت سوزان نصحي، مدرسة بفصول الكنيسة،: هناك 4 شهادات باللغة القبطية ” كامي- ساجي- سنام مودي- والبكاريوس، موضحة أن الشهادة الأولي هي البداية وتتكون من الأرقام والحروب والحف الشفوي والألحان البسيطة، أما الشهادة الثانية ساجي فهي تعليم اللغة وأشكال الحروف مع الألحان أخري، و المرحلة الثالثة هي سناممودي هي مستوى الكتابة والترجمة والألحان، أما البكاريوس فهي الشهادة الأخيرة ويحصل عليها من ينتهي من جميع المراحل والدروس القبطية ليصبح مهيأ ليكون مدرس يجيد القراءة والكتابة باللغة القبطية.

أضافت سوزان أن اللفظ القديم مازال منتشر في القرية لحفاظ الكنيسة والأهالي على تعليم اللغة، فكل دارس ينتهي من جميع الدروس، يفتح فصل لتعليم الأطفال والشباب والشابات في الكنيسة مجانًا، بهدف الحفاظ على اللغة.

الشهادة الأولي كامي هي كلمة قبطية وتعني باللغة العربية مصر، وتتكون من 40 درسًا وبعض الصلوات والترانيم، أما ساجي فتعني بالعربية تكلم ولها أكثر من جزء، أما سنام مودي وهي تعنى سبحوا الله، وقد وضع تقسيم اللغة والشهادات معهد اللغة القبطية قسم لفظ اللغة القديم، وهو المعهد المسؤول عن أعداد الخدام الذين يقومون بتدريس اللغة.

عن الزينية

على الرغم من مرور الوقت والتغيير الذي يحدث بالأماكن الدينية والمنشأة إلا أن كنيسة الزينية مازالت محتفظة بوجهتها التي نشأت عليها، يقول دانيال القمص، راعي كنيسة الأنبا باخوم، إن الكنيسة أنشئت منذ أكثر من 130 عامًا، ومازالت تحتفظ الكنيسة بالوجهة المبنية بالطين اللبن.

يقول ياسر عبد الله، مسئول نادي التطوع بالزينية بحري، إن الزينية كانت تسمي نجع حطب، نسبة إلى حطب، وكان كبير القرية في وقته، وكان ذو شأن.

يتابع أن اسم القرية تغير إلي الزينية بعد أن عاش فيها الشيخ أحمد الإدريسي بالزينية قبلي، فكان الأدارسه يبحثون عن مكان مناسب ليقيمون في الأقصر حتى اختاروا الزينية قبلي، فأطلق عليها الشيخ أحمد الزينة، ثم بدء أهالي، ومع مرور الوقت تطور نطقها مع الوقت لتصبح “الزينية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى