أسرار قصر المفجر: رحلة عبر الزمن في أروقة الفن الأموي
شيّد قصر المفجر، أحد إبداعات هشام بن عبد الملك، بتصميم متميز يختلف عن نظرائه من القصور الأموية. يتخذ القصر شكلاً شبه مربعي، بطول يبلغ 64.50 متراً للضلع الشمالي و61.25 متراً للضلع الشرقي. يتميز بأبراجه الدائرية الأربعة المتينة على الزوايا، وأبراج نصف دائرية تتوسط الجدارين الشمالي والغربي، بالإضافة إلى برج رباعي في الجنوب يحتوي على محراب، وربما كان يستخدم كمئذنة. يفتح القصر على فناء رحب بمساحة 28×29 متراً، محاط بأروقة سفلية تعلوها شرفات الطابق الأول. الفناء مغطى ببلاطات سوداء ويضم نظام تصريف مياه محكم.
أسرار قصر المفجر
يتميز القصر بزخارفه الفسيفسائية البديعة، المكونة من مكعبات حجرية ملونة ترسم لوحات تجسيمية وزخرفية معقدة. أبرز هذه الزخارف لوحة فسيفسائية ضخمة تزين قاعة الاستقبال. فيما تتألف من دائرة محاطة ببلاطات فسيفسائية متعددة الأشكال. مضفية على المكان جمالاً فريداً. كما تعد الزخارف الهندسية للفسيفساء الأرضية من أجمل الأعمال الإسلامية، وقد أثرت في الفن التجريدي والبصري الحديث. كما أن هذه اللوحة تعتبر من أكبر القطع الفسيفسائية المعروفة حتى ذلك الحين.
في حمام القصر، وتحديداً في غرفة الاستراحة، توجد لوحة تشبيهية مبهرة تصوّر شجرة تفاح أو نارنج محاطة بنباتات متنوعة. تتداخل هذه النباتات على الجانب الأيمن مع صورة أسد يهاجم غزالاً مذعوراً، بينما يظهر على الجانب الأيسر غزالان يتمتعان بالهدوء ويتغذيان على الأوراق. تتميز الشجرة بتصويرها الواقعي، مع مراعاة الألوان الطبيعية والتفاصيل الدقيقة للفروع والأغصان.
المنحوتات الحجرية للرجال والنساء، سواء كانت كاملة أو نصفية. وكانت تزين الداخل المقبب للقصر، مستندة إلى الأقواس الجانبية. بين هذه الدعائم، كانت تقف تماثيل لرجال يحملون أوراق الخرشوف فوق صف من الخراف المستلقية. كما يتكون عنق القبة من اثني عشر تجويفاً محرابياً، يحتوي كل منها على تمثال لرجل أو امرأة. كما كانت هذه التماثيل ملونة بألوان زاهية. واجهة المدخل تضم محرابين، أحدهما يحتوي على تمثال يُعتقد أنه للخليفة هشام بن عبد الملك. مقارنةً بتمثال مماثل في قصر الحير الغربي. التماثيل التي كانت تملأ المحاريب على جدران القاعة تُعد من أبرز معالم قصر المفجر، وهي تتميز بألوانها الزاهية وتصميمها الذي يبتعد عن التشبيه. رغم تكوينها من أشكال إنسانية ورؤوس بشرية وطيور وخيول. كما منحوتة من الحجر الجصي.