لماذا اعتبر الفاطميون القاهرة مدينة مقدسة؟.. خبير يجيب
أميرة جادو
تاريخ مبكر من القاهرة بإطلالة سريعة من زاوية موقعها الجغرافي؛ حيث كان يحتل على جزء منها مدينة عرفت بالقطائع، “حي”. كما قسمت الأحياء إلى شوارع سكك”. و”أزقة ضيقة بها “مساجد”. ومطاحن طواحين” وحقامات عاقة “حمامات”، ومخابز “أفران” أيضًا.
كما كانت بعض الأحياء مخصصة لخدم القصر “فراشين”، وللسودانيين، والنوبيين، والروم، بالإضافة لمنطقة معينة تُسمى هارون وكذلك، كان للعبيد “الغلمان” منطقتهم الخاصة، واليوم من المستحيل تحديد مكان وجود هذه، وفقًا لابن دقماق والمقريزي.
وسنتعرف من خلال السطور التالية على البداية الفعلية لتاريخ الفعلي لمدينة القاهرة مع العهد الفاطمي، والتي نالت فيها القاهرة مكانة كبيرة لدرجة اعتبرت فيها مدينة مقدسّة.
أسست على القوى
وفي هذا الإطار، كشف الباحث “حسن حافظ”: “ما يعبر عن تقديس الحاضرة الفاطمية هو الخطاب الرسمي. ومن حسن الحظ لدينا سجل فاطمي رسمي حفظه لنا المؤرخ المملوكي القلقشندي (ت 821هـ/ 1418م)، يتعلق بولاية القاهرة. والسجل الصادر في الفترة الفاطمية المتأخرة، كما يكشف بوضوح عن النظرة التقديسية للمدينة. ومكانتها لدى الفاطميين”.
وأضاف “حافظ”: “بالنظر الى القاهرة نرى نظرة الفاطميين الرسمية لها باعتبارها مدينة مقدسة. كما تكتسب أهميتها وقداستها من كونها المدينة التي حل بها أئمة الإسماعيلية. وهو نص يكشف لنا عن تصور أهالي القاهرة للمدينة في الزمن الفاطمي”.
الأزهر والدعوة الإسماعيلية
وأردف “الباحث”، يبدو هذا جليًّا في أن مركز المدينة هو “قصر الخلافة”. الذي تحول إلى نقطة الارتكاز في المدينة. إذ يطل على الشارع الرئيسي والرحبة الرئيسة بالمدينة. في حين حظي جامع القاهرة (الأزهر) بوضعية هامشية في تخطيط القاهرة. ولم يكن ذلك اعتباطًا بل تأكيدًا على المكانة الاستثنائية للإمام الإسماعيلي باعتباره ظل اللـه على الأرض. والتوجه إليه أهم من التوجه إلى القبلة في المعتقد الإسماعيلي. فكان حضور الإمام/ الخليفة مركزيًّا ما انعكس على قصر الخلافة الذي حصد نفس المركزية.
كما لفت “الباحث”، إلى أن أهل الفسطاط نظروا إلى القاهرة كمنافس لمدينتهم مركز النشاط الاقتصادي والثقافي. وكرمز لسلطة مختلفة مذهبيًّا ودينيًّا عن عموم المصريين أما جنود الخلافة الذين عاشوا في حارات منفصلة. فنظروا إلى ساحة المدينة كفرصة لفرض القوة والحصول على امتيازات.
فيما نظر دعاة الإسماعيلية إلى المدينة وتحركوا في منشآتها باعتبارها مدينة مقدسة. كما يعملون على جعلها المدينة التي تحكم العالم.
كما عكس الخلفاء رؤية مختلفة قوامها الاستمتاع بما توفره المدينة من أماكن للنزهة والتنزه في حياتهم الشخصية المحجوبة عن الأنظار من ناحية. وفرصة للإعلان عن أحقيتهم بقيادة العالم الإسلامي عبر تصدير صورة معينة. وشديدة البريق للمدينة مؤسساتها ومنشآتها. التي ظهرت تباعًا لتوافق كل هذه الأغراض والأهداف المختلفة”.